تحدّي الفتل والنقض في المحاورة الشعرية

كتب رجا القحطاني

المحاورة أو القلطة من قولهم اقلط أي تقدم إلى الميدان هي فن شعري يعتمد على الارتجال ،  
في ميدانها المكون من صفين من الرجال يلتقي شاعران يتحاوران شعريا ويطريقة غنائية "شيلة" ،  بالتناوب لكل منهما بيتان من الشعر بينهما مسافة زمنية ، يردد الصف الموالي للشاعر شطر البيت والشطر الآخر يردده إنشاداً الصف المقابل إلى أن يصل الدور إلى الشاعر الثاني وهكذا، قد تطول محاورتهما وقد لاتطول وفقاً لطبيعة المحاورة، وهي قائمة على التحدي الشعري بين الشاعرين وكلٌّ منهما يسعى إلى أن يتفوق على الآخر، وقد يكون مدار تحاورهما حول موضوع أو حدث معين وقد يكون شخصيًّا ويمكن التطرق إلى أكثر من موضوع وبأسلوب أقرب إلى الرمزية ولايخلو من اللمسة الفكاهية تهكماً أو استغراباً، ويفترض أن يركز الشاعران الخصمان على أسلوب الفتل والنقض، أي لايفوت معنى على الشاعر قاله "فتله" الشاعر الآخر فينقضه أي يرد عليه موضحاً أو نافياً،، بيد أن أسلوب الفتل والنقض بالأسلوب الرمزي صار نادر الاستخدام بين الشعراء في هذه المرحلة وعادةً ما تكون معانيهم مكشوفة وليست مرمّزة وبهدف الاضحاك المحض.

وحتى نوضح طبيعة المحاورة بشكل عملي نورد هذه المحاورة الجميلة والبعيدة عن التجاوز اللفظي الصريح بين الشاعرين الكبيرين الراحلين مطلق الثبيتي وصياف الحربي رحمها الله وهما من كبار شعراء هذا الفن الشعري الارتجالي:

مطلق:

وش تورّا ياطويل العمر فينا و ش تـورّا
الليالي مظلمه و الشيـخ ماولـع سراجـه

أحد نايم فالدفا و أحدٍ شـواه البـرد بـرّا
و الثبيتي ضاع و الشيطان يضحك له حجاجه

صياف:

كان مايرضيك قسمك مع عتيبه وش تحـرّا
روح مع راع الحصان اللي يشاهد لك
عجاجه

أخذ من عندي نصيحه خش فالبيت و تـذرّا
و أخذ طب البدو و الدكتور لاتاكـل علاجـه

مطلق:

إلبس الثوب الطويل اللي كسيتك لاتعـرّا
و الثبيتي سايره فالدرب لاتخرب مزاجـه

أنت يالحربي حشيم و فوق مثلك ما أتجرّا
مير لاتقفل عليّ القصر و أسكـّر دراجـه

صياف:

لاتزعلني تراي أنهض حجاجي و أتـزرّا
لو يضيق الوقت خمس أيام ياسرع انفراجه

الثبيتي من سواليف العرب قـام ايتفرّا
ثم قاول مع فقيه و قام يسرق من دجاجه

مطلق:

واشيوب العين ضاق البال من ساري و سرّا
جبهته فيها طقوق و ساقهـا فيـه العواجـه

لاتبـرّا مـن ذنوبـك يالحريبـي لاتبـرّا
تسرق و تكذب على اخوانك و لاحصلت حاجه

صياف:

كيف نحلب لك مسوحٍ ديسها مافيه دِرّا
مار خذ طاستك و أفزع لبْدويٍّ مع نعاجـه

وأبشروا بالخير يالعتبان كان العلم قـرّا
مار غظ الصوت لاتصور سموعي باللجاجه

مطلق:

جيت أبا أقرّيه و إليا أنه غشيمٍ مايقرّا
يشتري جوف السوق مايعرف خراجـه

يومٍ ماينفع بني عمه و يومٍ مايضـرّا
و المطر ماعاد يمطر فوقنا يوم انتواجه

صياف:

العرب تسهر و تتعب و أنت للراحه مضرّا
مار لاتصل المحرّج لين تعرف وش حراجه