طلال عبدالكريم العرب: «بَرِحَ الخَفاءُ»
زاوية الكتابكتب طلال عبد الكريم العرب مايو 23, 2024, 11:23 م 878 مشاهدات 0
«بَرِحَ الخَفاءُ»، مثل عربي يُقصَد منه أنه لم يعد هناك سر، فقد زال ووضح الأمر وانفضح، فَبَرِحَ هنا تعني زال، ويقال: ما بَرِحَ يفعلُ كذا، أي: ما زال يفعل كذا، وقيل إن الخفاء هو المُتَطأْطِئُ من الأرضِ أي المنخفض، أما البَراحُ فقيل إنه المرتفعُ الظاهرُ، أي صار الخَفاءُ بَراحاً.
فقال حسان بن ثابت في ذلك:
أَلا أَبْـلــِغْ أَبـا سفــيانَ عـني
مُــغَـلْـغَـلةً فقد بَــرِحَ الخفاءُ
وقال مسلم بن مَعبد الوالبي:
ثَنَيْتَ رِكابَ رحْلِكَ معَ عدوي
لِمُخْتَتِلٍ وقد برحَ الخفاءُ
وقال غيرهما:
بَرِحَ الخَفَاء فَبُحْتُ بالكتمان
وشَكَوْتُ ما ألقى إلى الإخْوان
لــو كان ما بي هَيِّناً لكَتمْتُهُ
لكنّ ما بــي جَـــلَّ عـــن كِتْمَانِ
فقول «لم يعد في الأمر سر» هو مصطلح دارج عند كل الأمم وفي كل اللغات، فعندما تقوم دولة ما بمؤامرة سرية ما ضد دولة أخرى، فسيظل الأمر طي الكتمان حتى يتكشف وتظهر حقيقة المؤامرة.
وهناك أمور عصية على الفهم ويصعب تصديقها كعلاقة دول إقليمية بمنظمات إرهابية عالمية، فهي تهاجمها إعلامياً في العلن وتصفها بأقذع الألفاظ، ولكن واقع الأمر ومجرياته يكشف عكس المعلن عنه، وعندها سنقول للاثنتين كفاكما خداعاً وكذباً فقد «بَرِحَ الخَفاءُ».
هذا ينطبق على بعض مدعي السياسة، فهم يتحدثون في العلن عن الشرف والنزاهة ومكافحة الفساد، ولكنهم في الخفاء أفعالهم تخالف ادعاءهم، كذلك عندما تدّعي دولة ما معاداتها لأخرى ووصمها إعلامياً بأنها شيطانٌ أكبر، ولكن الحقائق على أرض الواقع تدل على علاقة أكثر من حميمة، تكشفها استفادة الطرفين من الإِضرار بطرف ثالث، عندها نقول لكلتيهما، كفى نفاقاً فقد «بَرِحَ الخَفاءُ».
تعليقات