أ. د عبداللطيف بن نخي: ندب حمد الجوعان إلى ميناء مبارك الكبير

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 2276 مشاهدات 0


في سبتمبر الماضي، قرّرت المحكمة الاتحادية العراقية عدم دستورية قانون تصديق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله مع الكويت، بحجّة أن مصادقة مجلس النوّاب على هذه الاتفاقية في 2013 كانت بغالبية أقل من المطلوبة دستورياً للمصادقة على الاتفاقيات الدولية.

ثم توالت تصريحات النوّاب الكويتيين المستنكرة هذا القرار، الذي أثار القلق من إحياء الخلافات بين البلدين الشقيقين في شأن الحدود البحرية في الخور، بعد أن دُفنت في 1993 بقرار مجلس الأمن (833) الذي ينص على تقسيم مياه الخور مناصفة بين البلدين.

ومن أجل توضيح الأبعاد الخطيرة لأزمة هذا القرار، تكفي الإشارة إلى دور السلطتين العراقيتين التشريعية والتنفيذية تجاه القرار.

فمن جانب، المحكمة الاتحادية العراقية تداولت قانون المصادقة على اتفاقية الخور بناءً على شكوى قدّمها عدد من أعضاء مجلس النوّاب. ومن جانب آخر، مجمل النوّاب العراقيين رحّبوا بقرار المحكمة الاتحادية، بين مَنْ اكتفى بتأييده وبين مَنْ اعتبره إعلان إلغاء الاتفاقية من طرف واحد، ودعا إلى اللجوء إلى المنظمات الأممية (كمجلس الأمن ومحكمة البحار) لإعادة رسم الحدود في الخور.

وبالنسبة للحكومة العراقية، فبالرغم من تأكيد رئيسها السيد/ محمد السوداني لنظيره الكويتي الشيخ/ أحمد النوّاف – على هامش الدورة (78) لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة – التزام العراق بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة باتفاقية الخور، وبالتفاهمات المشتركة وحُسن الجوار، وسيادة أراضي دولة الكويت وسلامتها؛ إلا أن هذا التأكيد المطمئن في شقه الأول ألحق بشرطين هما «بما لا يتعارض مع الدستور العراقي والقانون الدولي».

لذلك، رغم تصريحات الحكومة العراقية المطمئنة والمؤكّدة استمرار التزامها بقرار مجلس الأمن رقم (833)، إلا أنها لم تُعد مشروع قانون المصادقة على اتفاقية الخور إلى مجلس النوّاب.

ويرى مراقبون سياسيون أن هذا التناقض بين التصريحات والإجراءات، ليس فقط بسبب تيقّن الحكومة من رفض مجلس النوّاب المصادقة على الاتفاقية، بل أيضاً لقناعتها بجَنَف وعدم عدالة الاتفاقية وضرورة تعديلها. ومن بين الشواهد على هذه القناعة، مذكرة التفاهم الرباعية التي وقّعتها العراق مع كل من تركيا وقطر والإمارات للتعاون في «مشروع طريق التنمية».

فهذا المشروع سوف يُعاني من اختناقات في ميناء الفاو الكبير، يخفّض طاقة المشروع الاستيعابية، إذا تزامن استقباله للسفن مع استقبال ميناء مبارك الكبير للسفن العملاقة، واستمرّ التقسيم الحالي للحدود في الخور. وذلك استناداً على العديد من الدراسات العراقية التي تبيّن أن القناة الصالحة للإبحار في الخور تقع ضمن المياه الكويتية، وأن هذه القناة تزحف ببطء شديد نحو جزيرة بوبيان بسبب ظروف التعرية والترسيب الناجمة عن سرعة واتجاه التيارات البحرية وحمولاتها الطينية من شط العرب.

الشاهد أن زيادة السعة الاستيعابية لميناء الفاو الكبير تتطلب تغيير الحدود المائية في الخور وفق مسار القناة الصالحة للإبحار، وتتطلب أيضاً تحجيم ميناء مبارك الكبير أو نقله إلى موقع بعيد عن ميناء الفاو الكبير.

لذلك، استغرب مراقبون سياسيون من التحوّل الواسع في مواقف عدد من نوّاب مجلس الأمّة الحالي تجاه المستجدات ذات العلاقة بمستقبل ميناء مبارك الكبير والحدود في الخور، مقارنة بحميّتهم الوطنية الملتهبة وتصريحاتهم العنيفة قبل أشهر قليلة.

وبناءً على ما سبق، وتفادياً لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية فشلها منظور، وأسوة بسابقة ندب المرحوم/ حمد الجوعان للاطلاع على سجلات البنك المركزي الخاصة بأزمة المناخ، أدعو مجلس الأمّة – بجناحيه المنتخب والمعيّن – إلى إقرار ندب العضو/ مهلهل المضف، إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء للاطلاع على وثائق مشروع ميناء مبارك الكبير، لتقصي الحقائق منها ومن الوزراء والقياديين المسؤولين سابقاً عن المشروع، منذ إقراره إلى اليوم. وذلك كخطوة أولى لانعاش المشروع وضمان استدامة انتعاشه... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

تعليقات

اكتب تعليقك