وليد الجاسم: دموعٌ... ودموع!
زاوية الكتابكتب وليد الجاسم فبراير 22, 2024, 10:59 م 711 مشاهدات 0
أُعجب كثير من الناس بدموع ممثل الكويت أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي السفير علي الظفيري، حيث كان يلقي أمام المحكمة مرافعة الكويت الشفهية بعدما قدّمت في أواخر يوليو الماضي مرافعة خطيّة لتثبيت حقوق الشعب الفلسطيني ومطالباته والعواقب القانونية الناشئة عن انتهاكات احتلال الأراضي الفلسطينية.
وإن كنت أشد على يد سفيرنا الغالي وأعذره وأعذر كل من أعجب بتلك الدموع وهذا التأثر الإنساني، إلا أنني حزنت كثيراً على حالنا وشعرت بأن كل دمعة غادرت مقلته كانت كالتيزاب يحرق جلودنا ومشاعرنا التي تبلّدت، ويذكّرنا بضعفنا وهواننا أمام العالم.
الدموع ليست واحدة يا سادة، فلكل دمعة مدلولاتها.
الدموع إذا انهمرت من عيني الحاكم القوي، فهي محمودة وتدل على رحمته ورفقه بشعبه، وشعوره بهم كأبناء له وتلمس راقٍ منه لعِظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وثقل الأمانة التي سيحاسبه الله عليها.
والدموع إذا تساقطت من عيني الأم، فهي دلالة على أنها أم رؤوم حنون محبة لصغارها في ضعفهم أو مرضهم أو مآزق الدنيا التي تواجههم.
والدموع إذا انفجرت من مقلتي العابد، فهي دموع طالب المغفرة الذي يصغر كثيراً بين يدي ربه ويبكي حباً وطمعاً وخشية في آن واحد.
أما الدموع إذا انهمرت من عيني المهزوم، فماذا نقول عنها؟ وكيف نصفها؟...
دموعك - سعادة السفير - هي دموعنا جميعاً، هي دموع هزيمتنا ودموع عجزنا ودموع قلة حيلتنا ودموع تشرذمنا ودموع تخاذلنا الممتد لعشرات السنين.
دموعك - سعادة السفير - هي دموع حزننا على كل من سقطوا صرعى وحشية العدو ونعومتنا في مواجهته سواء في ما مضى من شهور الضيم على غزة، أو ما مضى من سنوات الخذلان على فلسطين.
دموعك - سعادة السفير - هي دموعنا جميعاً، وهي دموع بني الأحمر عندما تركوا الأندلس تواجه مصيرها، وخذلوا أهلها وتركوهم يواجهون الإبادة والظلم والبطش ومحاكم التفتيش والإجبار على الارتداد عن دين الحق واتباع بهتان الباطل.
دموعك - سعادة السفير - هي دموعنا جميعاً، دموع ذل وهوان واستدرار للرحمة ممن ليس بيدهم شيء أصلاً... كلام نقوله... كلام يسمعونه... وكلام سيحكمون به... ولكنه مجرد كلام في كلام... لأن للأفعال أهلها ونحن لسنا منهم مع الأسف هذه الأيام.
اسمح لنا سعادة السفير، خطابنا هذا هو خطاب نكتبه بحبر من دموعك الغالية بأقلام عجزنا الذي نبثّه إلى الله... ولا حول ولا قوة إلّا بالله... ولكم الله يا أهل غزة.
تعليقات