أ. د عبداللطيف بن نخي: البيان الصحافي القبيح
زاوية الكتابكتب د. عبد اللطيف بن نخي يناير 28, 2024, 10:43 م 2126 مشاهدات 0
نحتاج بشدّة وبصفة عاجلة إلى مشروع وطني لتقويم أخلاقيات العمل السياسي، ابتداءً في ثقافة المجتمع السياسية، كمدخل لضبط ممارسات النوّاب، بغرض تهذيبها وتنقيحها من الشوائب الخطيرة التي نثرها ونشرها في المشهد النيابي سياسيون مخضرمون ومعهم آخرون مستجدّون، على مدى السنوات الأخيرة، خصوصاً منذ حِراك الربيع العربي في الكويت.
أدخل هؤلاء الكويت بسلطاتها الثلاث في دوّامة سياسية عطّلت باسم الإصلاح المشاريع الإصلاحية. وبعد أن أنقذونا هم ورفاقهم من الدوّامة التي أدخلونا فيها، دفعونا – بذريعة ترسيخ الاستقرار السياسي – إلى زوبعة التشريعات المعيبة والرقابة الناعمة، بعد أن حصّنوا فشلهم من النقد الموضوعي بنشر مفاهيم هلامية مائعة منافية لأخلاقيّات العمل السياسي، كتلك التي تُبرّر الازدواجية والانتقائية.
اشتقنا لأخلاقيّات العمل والخصومة السياسية التي كان يلتزم ويتقيّد بها رجالات الدولة من النوّاب السابقين من أمثال المرحوم حمد الجوعان، الذي كان فارساً في مكافحة الفساد من دون أي اعتبار لصراعات المتنفذين ومن دون مراعاة لسلامته ومصالحه الشخصية. فاجتهدت الحكومة آنذاك في عرقلته، كمنعه من الكشف على سجلّات البنك المركزي الخاصة بأزمة المناخ، خصوصاً بعد أن تمكّن من الحصول على موافقة المجلس على ندبه للاطلاع على تلك السجلات، وبعد الحصول على إجازة المحكمة الدستورية إنفاذ تلك المهمّة النيابية.
باختصار، في جل ممارساته النيابية وخطاباته السياسية، كانت بوصلة حمد الجوعان، متّجهة نحو مشاريعه الإصلاحية. ولذلك لم ينشغل بتوظيف المنصّات الإعلامية لتضخيم رصيده الانتخابي، من خلال خداع الشعب وخدمة الرّاعي الانتخابي الأساس.
وأمّا نوّاب المرحلة الحالية، فمعظمهم نقيض المرحوم الجوعان، وإن اختلفوا في درجة التناقض عنه. فقد فاجأنا أحدهم في بداية هذا الأسبوع بإصدار بيان صحافي بشأن تعيين ولي العهد المرتقب، أبرز ما فيه قبحه بما تضمن من تجاسر فج – بذريعة التقيّد بحدود الدستور – وخرق صريح لضوابط وأخلاقيات العمل النيابي.
فعل هذا النائب كفعل الأب الذي يتجاسر على والده الجد – الملتزم بشرع الله – بتذكيره علانية أمام أفراد الأسرة الكبيرة بحدود الحقوق الشرعية لكل منهما تجاه ابنه، حفيد الجد. ثم يتوعّده أمام الحضور بالتمسّك بكامل صلاحيّاته ضد تجاوزاته، وذلك قبل أن يتخطّى الجد أياً من تلك الحدود.
المفاجأة تزداد بشاعةً عندما نستذكر انتقائية النائب نفسه بسكوته خلال الأشهر القليلة الماضية عن خروقات أخرى للدستور. وقد تكون أوضح شواهدها موقفه السلبي من الخروقات التي تصدّى لها النائب مهلهل المضف – خليفة المرحوم الجوعان – بالاستجواب الذي قدّمه لسمو رئيس الوزراء السابق الشيخ أحمد النوّاف. وأيضاً موقفه من ممارسة النائب مهلهل المضف، حقّه الدستوري في استجواب الرئيس. فالأرجح أنه كان من بين أعضاء المجلس الذين خرجوا أثناء مرافعة المضف، أو أنه كان من بين النوّاب الذين سكتوا عن هذا الفعل المشين.
وكذلك، إلى جانب البيان القبيح، تفاجأنا بسكوت معظم زملائه النوّاب عن البيان، وتحديداً نوّاب الأغلبية الذين يتداعون لنصرة زميلهم في الحق وفي غير الحق. وقد تكون أحدث نصرة، استنكارهم وتصدّيهم قبل أيّام قليلة لدعوة النائب مرزوق الغانم، لزميله النائب الدكتور حسن جوهر، إلى صعود المنصّة بعد أن رفع الرئيس الجلسة لغياب الحكومة. فمنهم من استقبح تصرّف الغانم في لقاء متلفز عبر قناة فضائية، ومنهم مَن دانَ فعل الغانم واثنين من سكرتاريته عبر منصات أخرى، ومنهم من شارك – بشكل مباشر أو غير مباشر – في إصدار قرار حرمان السكرتيرين من دخول المجلس مدى الحياة. ولذلك نتساءل: أين تصريحات هؤلاء تجاه البيان القبيح؟
باختصار، لن نخرج من دوّامات التكتلات النيابية الهادمة للاستقرار السياسي والمشاريع الإصلاحية والتنموية، ما لم نَلتزم ونُلزم نوّابنا بأخلاقيات العمل السياسي، من دون أي تبريرات غير أخلاقية لخروقات من نعز من بينهم ...
اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.
تعليقات