أ. د عبداللطيف بن نخي: إلى وكيل وزارة التربية

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 1876 مشاهدات 0


قبل قرابة ثلاثة أسابيع، اطلعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي على صورة ضوئية عن كتاب مُوجّه من وكيل وزارة التربية الأستاذة أنوار الحمدان، إلى الوكيل المساعد للتعليم العام، يُوجب على جميع إدارات المدارس إيقاف التعامل مع أي نظام يتضمّن نقل بيانات الطلبة والمعلمين إلى جهات غير معتمدة ولا تتبع وزارة التربية، وذلك بداعي حماية خصوصية تلك البيانات.

أثار هذا القرار موجة استياء بين عدد من أولياء الأمور، لأنه حرمهم من مجموعة الخدمات التي كانت متوافرة لهم عبر منصّة إلكترونية، يبدو أن الذي أنشأها هو مُعلّم كويتي، رئيس قسم التربية الفنية في إحدى مدارس الوزارة، وذلك وفق المعلومات المتاحة في الفضاء الإلكتروني.

يؤكّد أولياء الأمور الذين يستاءون من القرار، أن استخدام المنصّة الإلكترونية – التي بموجب كتاب سعادة وكيل الوزارة حُظر استخدامها – عزز بشكل ملحوظ درجة التواصل والشراكة بين أولياء الأمور والمدرسة، وأثّر إيجاباً على مستويات ونتائج الطلبة. حيث مَنحت المنصّة أولياء الأمور حق الاطلاع على توصيات وملاحظات وبيانات – تُحدّث بصورة مستمرّة – في شأن سلوك وأداء أبنائهم وبناتهم الطلبة، فضلاً عن المعلومات العامّة ذات العلاقة بالعملية التعليمية، كمواعيد الاختبارات الفصلية والنهائية وأيّام العطل الدراسية الدورية والطارئة.

الجميل جداً في كتاب وكيل الوزارة هو انبثاقه من مبدأ توجيهي في غاية الأهميّة، وهو حماية خصوصية بيانات الطلبة والمعلّمين. ولكن شاب وشان هذا الكتاب تضمّنه دعوة غريبة نوعا ما، رغم كونها جميلة في ظاهرها.

الجانب الجميل في الدعوة هو اقترانها بحرص الوزارة على سد الفراغ الذي سوف يتركه وقف التعامل مع المنصّة الإلكترونية المحظورة، حيث تضمّن الكتاب دعوة المدارس إلى مخاطبة إدارة نظم المعلومات في الوزارة لإبلاغها الخدمات الإلكترونية المطلوبة، غير المتوافرة حالياً في منصّة «نظام سجل الطالب» وموقع الوزارة الرسمي على شبكة الإنترنت.

وأما الجانب المستغرب في الدعوة فهو في أصل الحاجة لها. حيث تساءل البعض عن سبب عدم استرشاد الوزارة بالمنصّة الإلكترونية المحظورة لمعرفة الخدمات الإلكترونية المطلوبة؟ ولماذا لا تستعين الوزارة بخبرات وإمكانات المعلم الكويتي مالك المنصّة المحظورة في عملية تطوير منصّة «نظام سجل الطالب» التابعة للوزارة؟

من جهة أخرى، عاب وثلب الكتاب خلوّه من برنامج زمني تنفيذي، يُحدد فيه على أقل تقدير موعد إطلاق النسخة المطوّرة الأولى من منصّة «نظام سجل الطالب». لذلك، أدعو الأستاذة وكيل الوزارة إلى تزويد إدارات المدارس وأولياء الأمور بالجدول الزمني التقديري لتطوير المنصة الإلكترونية التابعة للوزارة.

كما أدعوها إلى دراسة إمكانية رفع الحظر موقتاً عن التعامل مع المنصة الإلكترونية المحظورة، وتحديداً خلال الفترة الانتقالية إلى حين تطوير المنصة الإلكترونية الوزارية، على أن تنتقل إدارة المنصة المحظورة خلال الفترة الموقتة إلى إدارة نظم المعلومات في الوزارة، مع مراعاة حقوق الملكية الفكرية لمالك المنصّة الإلكترونية المحظورة.

وبالتزامن مع الدعوة السابقة، أدعو الوزارة إلى إصدار وتحديث وثيقة «حماية خصوصية وبيانات الطلبة في المدارس» تُوثّق فيها سياسة الوزارة لحماية خصوصية ومعلومات الطلبة، وترسم الحدود الفاصلة عبر قواعد بيانات الطلبة لتُعرّف أنواع المعلومات التي يمكن مشاركتها مع الآخرين وتحدّد الحالات وصفات الأفراد المصرح لهم بالاطلاع عليها، كولي الأمر والطبيب المعالج. وكذلك أدعو الوزارة إلى إصدار وتحديث وثيقة «أمن المعلومات» الخاصة بحماية المعلومات والبيانات المخزّنة (في أنظمة الوزارة وفي خوادم موفري الخدمات السحابية) والمتداولة (عبر الشبكات الوزارية الرئيسة والفرعية وشبكة الإنترنت) من التخريب والهجمات الضّارة والوصول غير المسموح للمعلومات...

لأنّني لا أعرفه معرفة شخصية، لذلك لا أجد حرجاً أخلاقيّاً من دعوة الوزارة إلى تكريم المعلم الكويتي مالك المنصّة الإلكترونية المحظورة، على مبادرته الناجعة. ثم أدعوها إلى الإعلان عن برنامج لرعاية مبادرات المعلمين التعليمية المتميّزة، وذلك بالتعاون مع الأمانة العامة للأوقاف وجهات تمويل أخرى...

اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.

تعليقات

اكتب تعليقك