د. خليفة الوقيان يؤكد تفاعل شعراء الكويت مع القضية الفلسطينية منذ القدم.. في جلسة حوارية نظمتها رابطة الأدباء الكويتيين

فن وثقافة

#فلسطين_قضيتنا #غزة_تنزف

1776 مشاهدات 0


كتب - رجا القحطاني:

في مساء الأحد الماضي كان الجمهور في مسرح رابطة الأدباء الكويتيين على موعد مع جلسة حوارية بعنوان" فلسطين في الشعر الكويتي" يتحدث فيها الأمين العام الأسبق لرابطة الأدباء الشاعر الكبير د. خليفة الوقيان ، ويحاوره أمين سر الرابطة الشاعر سالم الرميضي الذي كان موفقاً في إدارة الحوار،

في هذه الجلسة الحوارية المثمرة تطرق د. خليفة الوقيان إلى محاور عدة تتعلق بالقضية الفلسطينية ومساهمة شعراء الكويت منذ القدم في دعمها من خلال نتاجاتهم الشعرية ، وذكر أن شعراء الكويت ساندوا القضية الفلسطينية شعراً متماهين مع الموقف الرسمي والشعبي في الكويت ،
وتحدث د. خليفة عن كتابه "القضية العربية في الشعر الكويتي" الذي نال به شهادة الماجستير عام 1973  وتحديداً الفصل الذي يتعلق بقضية فلسطين حيث أكد أن  النصوص الشعرية التي تتناول القضية بدأت منذ عام 1928 م ،أي أنهم بدأوا بالتفاعل مع قضايا الوطن العربي منذ فترة مبكرة جدا.ويضيف  د. خليفة بأن شعراء الكويت تناولوا  قبل ذلك ثورة الريف في المغرب عام 1920م ، وهذا يدل على أن الوعي القومي عند الكويتيين متقدم جدا.

كما تحدث  د. خليفة عن بداية فكرة  إنشاء الكيان الصهيوني منذ عام 1616م حتى الوصول إلى مساعي  تيودور هرتزل الذي يرى  د. خليفة أن جهوده تعد نقلة نوعية لتحقيق الطموح الصهيوني في إقامة وطن لليهود .
وأشار أن مرحلة التنفيذ الجدي بدأت منذ وعد وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور عام 1917 م في رسالته إلى التاجر اليهودي روتشيلد حيث أكد تعاطف حكومة صاحب الجلالة مع رغبة اليهود في إقامة وطن لهم،
وأكمل د. خليفة الوقيان بأن هذا الوعد تحول إلى مشروع تدعمه بريطانيا العظمى.

وانتقل د. خليفة إلى موقف الكويتيين المبكر من القضية الفلسطينية حيث تحدث عن أول تحرك لمجلس الشورى الكويتي الذي أُسس عام 1921م إذ كان من أول قراراته إرسال رسالة احتجاج إلى مجلس العموم البريطاني حول فكرة إقامة وطن قومي لليهود،
ويستطرد بأنه في عام 1921م  زار مفتي القدس أمين الحسيني الكويت ،فبدأ الكويتيون بجمع التبرعات لنصرة القضية الفلسطينية .

وأكد د. خليفة على أن الكويتيين شعب  منفتح  على العالم ومتفاعل  مع قضاياه ، وانضموا إلى التجمعات السياسية والفكرية منذ فترة مبكرة حتى أن الكويت ضمن دول عربية قلائل شاركت بتأسيس الجمعية العربية السرية المسماة بجماعة الكتاب الأحمر عام 1935م، وكان هدف الجمعية النضال ضد الاستعمار والصهيونية.

وانتقل د. خليفة في حديثه إلى دور شعراء الكويت في دعم القضية الفلسطينية وذكَر  أنه خلال دراسة الماجستير بحث في الشعر العربي للشعراء العرب فلم يجد إلا نصا شعريا واحدا يتزامن مع النص الذي كتبه الشاعر الكويتي خالد الفرج 1928م،وبقية ماكُتب عن فلسطين من شعر جاء بعد هذا التاريخ، مايدل على أن الكويتيين كانوا متقدمين في تناول هذه القضية.

وقرأ المحاضر  أبياتاً متفرقة لخالد الفرج كقوله:
هزئ القويُّ بسيفرٍ وعهودها
ولوعد  بلفورٍ  بنى  أطواقُ
"وسيفر" هي المعاهدة التي تم تقييد تركيا به في الحرب العالمية الأولى.
وقوله:
بلفور  إن  اليوم  عيد
فالبس له الثوب الجديد
وأشار د. خليفة أن خالد الفرج تطرق في شعره لكل حادثة تتعلق بفلسطين مثل مذبحة "دير ياسين" والإعتداء على قرية نحالين.

وتطرق د. خليفة إلى نموذج آخر مشرق هو الشاعر الكويتي محمود شوقي الأيوبي  حيث قال أنه كتب  قصيدة عن انتفاضة "حائط البراق" تتبع فيها الشاعر تفاصيل ماقام به الفلسطينيون في ذلك الوقت.
وفي عام 1930 كتب الأيوبي قصيدة يرثي بها من أعدمتهم السلطات البريطانية بسبب مشاركتهم في تلك الانتفاضة،وعدّد الشاعر أسماءهم في قصيدته.

ووجه أ. سالم الرميضي سؤالاً إلى د. خليفة عن  كيفية اطلاع الشعراء الكويتيين  في ذلك الوقت حتى على الأحداث الصغيرة أثناء الصراع بين الفلسطينيين والصهاينة والتعبير عنها شعريا ،

فأجابه : بأن هذا الأمر لافت للنظر انتباههم لما يجري في  فلسطين وما جرى في المغرب العربي، وكيف كانت تصل إليهم الأخبار عن ثورة الريف كمثال،رغم أن وسائل الاتصال كانت بدائية، ورجّح أن الصحف العربية التي يشترك فيها الكويتيون وتوفرها العديد من "الديوانيات" لروادها  ومنها ديوانية الخالد كانت الوسيلة التي يستقون منها أخبار مايحدث في الوطن العربي.

وأشار د. خليفة الوقيان إلى دور النادي الأدبي الذي تم تأسيسه عام 1924م، فقد  كان منارة مهمة جداًّ للتوعية، وكان الكويتيون يدعون المفكرين والمناضلين أيضاً مثل الزعيم التونسي عبدالعزيز الثعالبي  ، والشيخ الشنقيطي ، وحافظ وهبة لإلقاء محاضرات في النادي الأدبي، بل ذهب المحاضر إلى أبعد من ذلك بأنه في عام 1780 م تقريبا زار الكويت الشيخ عبدالرحمن السويدي وألقي محاضرات في مساجد الكويت.

وردا على سؤال المحاور أ، سالم الرميضي عن الدافع لدى د. خليفة الوقيان للبحث  في قضية فلسطين ماقبل وعد بلفور بثلاثة قرون أجاب: أن النتائج السياسية التي نراها الآن هي حصيلة مفكرين ، إذ  أن جذور  قضية  فلسطين لم تبدأ منذ وعد بلفور عام1917م ، بل هي أبعد من ذلك،
ويسترسل د. خليفة بأن ليست مهمته إحصاء الشعر فحسب ، وإنما ينبغي ربط الحدث بصداه في الشعر ، ومن خلال البحث في قضية التحرك الصهيوني اتضح أنها بدأتْ منذ ذلك الوقت المبكر أي قبل وعد بلفور بثلاثة قرون، وإن لم تكن أرض فلسطين واردة في الأذهان في تلك الفترة.
وتحدث المحاضر عن منبرية الشعر العمودي وقدرته على تحريك التفاعل والحماس لدى المتلقي أكثرمن  شعر النثر أو شعر التفعيلة الذى يرى أنه شعر هامس ، إلا أن د. خليفة لم يقلل من مكانة شعراء النثر  والتفعيلة في التفاعل مع القضايا العربية. مستشهداً بما كتبه الشاعران الراحلان  محمد أحمد المشاري و علي السبتي.

كما شارك الحضور في هذه الجلسة ببعض المداخلات فيما يتعلق بدور الشعر الكويتي في القضية الفلسطينية ومنها مداخلة الأديب عبدالله خلف الذي أشار إلى أن القضية الفلسطينية لم يعد لها ذكر في المناهج التعليمية كما كان في السابق.

ومداخلة من الأديب د. سليمان الشطي الذي أكد أن النسبة الغالبة من الشعر الكويتي هي شعر وطني يستشعر آمال الأمة وآلام والأغراض الشعرية الأخري تكاد تكون في الدرجة الثالثة أو الرابعة.

وعلق د. خليفة على هذه المداخلة متوافقا مع رأي د. إبراهيم بأن الشعر القومي يحتل المساحة الأكبر في ديوان الشعر الكويتي، ولا يقتصرالحس القومي  على الشعر الفصيح ، بل كذلك يوجد في الشعر النبطي  أمثال فهد بورسلي وزيد الحرب وصقر النصافي.

وفي مداخلته وجّه أحد الحضور سؤالا إلى
د. خليفة الوقيان ما إذا كان التشنج والانفعال في الكتابة عن القضية الفلسطينية بدأ منذ تلك المرحلة الزمنية البعيدة؟

فأجابه د. خليفة بأنه من خلال بحثه المتعلق بالشعر الكويتي في فلسطين" أشار إلى أن الكثير من النصوص التي كتبت في تلك المرحلة لم تكن جيدة من الناحية الفنية، لكنها مهمة من الناحية الفكرية، وهي تعبر عن موقف ، وبالتأكيد أن الحماسة والانفعال الشديد في القصيدة حين يبتعد عن المناسبة، حتى أن  قصائدنا التي كتبناها أثناء الغزو كانت انفعالية في البداية ، إلا أنه بعد استقرار الأمور أصبح الشاعر ينظر إلى المشهد بروية ويقومه من جميع الجوانب، ويعبر عنه يطريقة أكثر إنسانية.

كانت الجلسة الحوارية التي تحدث فيها الشاعر الكبير د. خليفة الوقيان مثمرة وممتعة تناولت جوانب عديدة قد تكون غائبة عن أذهان الكثيرين ، خاصة أنه تناولها من منظور أكاديمي واسع ولكن بأسلوب الشاعر الذي يعرف كيف يجتذب المتلقين .

وفي نهاية الجلسة الحوارية شكَر مدير الحوار أ. سالم الرميضي د. خليفة الوقيان على ماقدمه من محاضرة شاملة في محاورها ومفيدة في معطياتها.

تعليقات

اكتب تعليقك