كريم معتوق: غزة بين الحصارين

فن وثقافة

#شعر #غزة_الآن

1874 مشاهدات 0


"مـليـارُ صـدرٍ وبـردٍ جـئتُ عـاريـةً
بين الحصارين صارَ الـموتُ مدفأتي"


مليار قلب مسلم يتمزق ألماً وحسرةً وعجزاً  إزاء مايكابده أهل غزة من قصف ممنهج وقتل عشوائي على يد الصهاينة المجرمين ، فأصبحوا بين حصارين حصار العدو الصهيوني ، وحصار التخاذل العربي المقيت،حتى صارحدوث الموت المفزع أهون من انتظاره الأكثر إفزاعا،

الشاعر الإماراتي الكبير كريم معتوق يسكب حسه الإنساني قصيدةً مؤثرةً رائعة ، تصف المشهد المؤلم في دلالات شعرية متوهجة وسياقات تعبيرية ذات بعد إنساني أبدع بها كريم معتوق:

لم أسكتِ الآن غصَّ الحرفُ في رئتي
كأن غـزةَ غــزتْ حـبلَ حـنجـرتـي
 
واستحلفـتـني بأن لا أنـتمي أبـداً
إلا إلى الـحرفِ مـتـراسـاً ومـحـبرتـي

إلا إلى الريـح إن سارت  مـعاكسةً
يا ويـحَ غـزةَ خانـت كلُّ أشـرعـتـي

لا الخيلُ لا الليلُ لا البيداءُ تعرفني
لا السيفُ لا الرمحُ لا القرطاسُ في شفتي

ها ألـجمتـني دموعُ الطفلِ واقـفةً
ها أنـحني الآن قـزْماً تـحت أسئـلتي
 
أين الـخيالُ ، دمـاءُ الناس تربكـني
هل لي بوصف جحيـمٍ دون أخيلـتي
 
غـيمُ القصائدِ لا يُـملي على ورقي
إن ضاقت الأرض صدراً فيه من سعةِ
 
قالت من الصمت إذ أحزانها نطقتْ
سقفُ العواصمِ يرجو نعلَ أضرحتي
 
إن كان والله يـؤذي ضربُ جـمجمتي
لا أكذبُ الله مـوتي جرح خاصرتي

صوتـي إلى الله قـبل الأرض أرسلـهُ
كفوا أذى النوحِ ليس النوح من صفتي
 
مـليـارُ صـدرٍ وبـردٍ جـئتُ عـاريـةً
بين الحصارين صارَ الـموتُ مدفأتي
 
وصـرتُ وجـهاً وقـاموساً وخارطـةً
سبـابـةُ المـوتِ فيها ظـلُ بوصلـتي
 
وصـرتُ للخـوفِ تاريـخاً ومئذنةً
وكـبَّـرَ  المـوتُ أيـاماً  بـمئـذنتي
 
قـمْ فالصلاةُ جـنـازاتٌ وقد جُمعتْ
إلا  الخـوالفُ في رجـوى  لمعذرتي
 
بعـضُ النفوسِ صـغارٌ في تعاظـمـها
ويعظمُ الطفلُ نفساً تحت ملحمتي
 
لم يخجلِ الصمتُ إلا في منازلتي
لم يـطلبِ المجدُ سـقـفاً فوق مـنزلـتي
                            *
أرخيتُ للشعر حبلَ المترفين فمـاً
وكـنتُ أسـقيـهِ قبل الـيوم أوردتـي

وقلتُ غزة، حدِّثْ ما تـرى فبكى
حتى غدا الدمعُ دون الحرفِ مـفردتي
 
من أين أبدأ قلتُ الموتُ ملحمةٌ
فـاطـلقْ يراعـكَ واخترْ لون مـحرقتي
 
إن  الشعـوبَ  رسـالاتٌ  يـكـفنها
حبُّ السـلامةِ فـاعتـادي على لـغـتي
 
إن  الشعوبَ  مـناراتٌ ويـطفـئُها
لـونُ الرغـيـفِ فكـوني أنتِ أرغفـتي
 
إن  الشعوبَ  صباحاتٌ  يبـددها
ذلُّ الـنعيم إذا مـا ابـتلَّ بـالـعـنتِ
 
حبُّ الحياة وإن أزرى  بصاحبهِ
موتى على الأرض إنـَّا دون مقبـرةِ
 
لا أسأل  الله  رداً  للقضاء  فـذا
حـكـمٌ علـيّ ولـكـن لـطف خاتـمتي

تعليقات

اكتب تعليقك