محمد المقاطع يدعو إلى وضع قانون للحد من اشاعة مظاهر الكراهية بين الناس والتشجيع أو التحريض عليها
زاوية الكتابكتب سبتمبر 16, 2009, منتصف الليل 1089 مشاهدات 0
الديوانية
قانون الكراهية Hate law
كتب محمد عبدالمحسن المقاطع :
تجاوزت الأمم المعاصرة إشكالية، طالما كانت سبباً للقلق السياسي أو الاجتماعي أو عدم الاستقرار الاقتصادي، التي تنتج عن عدم شيوع حالة السلم الاجتماعي والتعايش الإنساني في المجتمعات والدول متعددة التكوينات الاجتماعية أو العرقية أو الدينية لمواطنيها، فكانت فكرة وضع قانون للحد من اشاعة مظاهر الكراهية بين الناس والتشجيع أو التحريض عليها أحد الحلول الواقعية والعملية لتعزيز حالة الانصهار للناس في بناء الدولة الاجتماعي والسياسي في آن واحد.
وبات من الضروري ان نتجه في الكويت إلى تبني هذا التوجه لما له من مزايا وما يكرسه من ضبط السلوك الشاذ أو المتطرف أو العصري أو المحرض على الفرقة أو الكراهية، انطلاقاً من أبعاد تهدف إلى محاصرة فئة من فئات المجتمع أو احتقارها أو التقليل من شأنها، ولئن قلبنا نصوص أحكام القوانين في الكويت لوجدنا ان فيها شتاتاً من النصوص التي تتصدى لهذا الموضوع، منها ما هو وارد في قانون الجزاء في جرائم أمن الدولة الداخلية أو ضمن جرائم التحريض على السلوك الاجرامي أو الانتقامي، ومنها ما هو موجود في قانون المطبوعات والنشر، وهناك ايضاً نصوص متفرقة في القانون المدني وغيره من القوانين، كما ان العمق الإسلامي للدستور الكويتي في العديد من جوانب تعزيز أواصر الأخوة والتراحم والحرص على احترام آداب العامة، يشكل أساساً مهماً في بلورة هذا التوجه.
واذا كانت السنوات الأخيرة قد شهدت تزايداً في العنف اللفظي والتطاول السلوكي أو الإعلامي الهادف إلى اشاعة حالة من الاثارة المرتبطة بالتأليب على البغض والكراهية بين أفراد المجتمع، فان هذه المتغيرات تعطي مؤشرا مهماً لضرورة التصدي لهذه السلوكيات المقلقة للمجتمع، خصوصا مع تراجع القدرة الطبيعية لسلطات الضبط الإداري والقضائي في نطاق المؤسسات الحكومية ولدى الاجهزة المسؤولة عن تطبيق القوانين، وأقصد بها الشرطة، وعليه فيمكن ان يتبلور في القانون المقترح عدد من الافكار التي تحاصر هذه الظاهرة، ومن ذلك تجريم من يسخر وسائل الإعلام في ترويج أو تشجيع السلوك المؤدي للكراهية واشاعة البغضاء، وكذلك مساءلة المسؤولين في الأجهزة الحكومية الذين يقومون بخلق بيئة الكره الوظيفي ان الاستقطاب الفئوي أو الطائفي أو القبلي، أو الذين يشجعون سلوكيات التجسس أو نشر الاخبار المسيئة لكرامات الناس في إطار منهجية التشهير لخلق الكراهية، وفي سياق ذلك يمكن ان يأتي تجريم من يوفر الدعم المالي لظاهرة الكراهية والتشرذم الفئوي في المجتمع أو يقوم باجتماعات أو تجمعات لتجسيد الاستقطاب الفئوي.
ويدخل في هذا المقترح من يحاول ان يقتل مظاهر وسلوكيات اشاعة المحبة والتعايش السلمي أو يهدف إلى ضرب معطيات التواصل الاجتماعي، حتى يكون بث المحبة واشاعة البهجة والفرح احدى ركائز هذا المقترح ليكون مقنناً من خلال التشريعات تعزيزاً لمظاهر الدولة التعددية المدنية الإنسانية التي تظل الجميع.
اللهم إني بلغت
أ. د. محمد عبدالمحسن المقاطع
تعليقات