حسن العيسى: شرف المحاولة (2)

زاوية الكتاب

كتب حسن العيسى 1285 مشاهدات 0


تذكر بثينة العيسى، في بحثها التاريخي عن الرقابة، أن بداية الصراع بين السلطة مع عدد من النواب الأحرار كان عام 65 من القرن الماضي، فقد قدم ثمانية منهم استقالاتهم كرسالة احتجاج على «... تمرير الحكومة قوانين مناقضة للدستور من بينها قانون الصحافة والنشر، حيث منحت الحكومة نفسها حق إلغاء تراخيص الصحف...» من دون رقابة القضاء. وقال د. الخطيب معقباً: «... فيك الخصام وأنت الخصم والحكم»، بيت شعر المتنبي لا يصدق فقط على ذلك الوقت، وإنما كل الوقت، حين تهمش مؤسسات الدولة القانونية وتفرض عليها التبعية للسلطة التنفيذية.

في زمن الحل اللادستوري الأول 76 كانت أشهر حادثة لمنع الكتب هي «الكويت، الرأي الآخر» للدكتور عبدالله النفيسي، الذي فصل من جامعة الكويت كرئيس لقسم العلوم السياسية، وفي عام 82 شُكلت لجنة لمراقبة الكتب الدينية بعد اندلاع حرب الخليج الأولى.

أثناء الحل اللادستوري الثاني 86 تم اعتقال د. خلدون النقيب سنة 88 إثر نشره كتاب «المجتمع والدولة» بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، رغم أن نظام الحكم في ذلك الزمن لم يقرأ كلمة واحدة من الكتاب، وإن قرأه فلن يفهمه، رحم الله خلدون. وفي 89 منعت رواية بدرية للروائي وليد الرجيب، وتم تعيين رقيب في الصحف الخمس يراقب كل كلمة بشكلها ومضمونها قبل النشر، ويحدد مصيرها حسب فهمه وثقافته، فهناك كلمات محرم نشرها وتشطب فوراً مثل الديموقراطية أو عضو مجلس أمة سابق.

ووصفت بثينة ذلك الزمن بأنه «... تحولت الرقابة في الثمانينيات من نظام بيروقراطي قابع في أحد أروقة وزارة الإعلام، إلى جهاز بوليسي شمولي، وبدا كأن السلطة تحاول إدخال البلاد في حالة من فقدان الذاكرة القسري...».

يبدو لي أن السلطة اليوم لا تحتاج إلى مسح ذاكرة المجتمع عن مفهوم الحرية ونطاقها، فاليوم نعاني من تزييف الواقع وخلق واقع متعالٍ وهمي محوره الأنا الكويتية، وتمت سطحنة الفكر وتجويفه من كل مضمون جاد، انظروا وقارنوا بين موقف النواب الثمانية عام 65 ومواقف الأكثرية الآن في قضية التعليم المشترك وقضايا أخرى... وللحديث بقية.

تعليقات

اكتب تعليقك