امتهان الشعر في قبضة الجشع المادي !.. بقلم الشاعر طلال الهضيبان

الأدب الشعبي

الآن 733 مشاهدات 0


يُعدُّ الشعر ضمن أرقى الرسائل في لغة الانسان
للتعبير عن كوامن النفس ومجريات الاحداث وفق قواعد محددة لايمكن اختراقها ، فهي ركيزة مهمة تضفي إلى هذا النوع من اللغة بعداً خاصاً وواقعاً ملموساً في الذات الانسانية مما يكسبها القبول لدى الأغلبية ، وإذا ماتبصرنا في رحلة الشعر الطويلة تتجلى لنا ضرورة الالتفات إلى حقبة الشعر القديم تأملاً وتفحصاً لما كان عليه الشعر في الزمن الماضي بالرغم من بساطة الأشياء  في حياة الشاعر قديماً.
كان الشاعر في البادية الصوت الناطق عن القبيلة في كل الظروف والمواقف ، يقوم بدور يشبه دور وزارة الإعلام بشكل مبسط، وليس خافيا حجم الحفاوة التي يطوق بها أبناء القبيلة شاعرهم نظراً لدوره الفعال في ظل محدودية السبل المتاحة أمامه للانتشار ، إلا ان الكثير من التجارب الشعرية السابقة ظلت خالدة إلى زمننا هذا لما لها من وقع مؤثر وتعبير صادق منحها ميزة البقاء.
وتتوالى السنون ومع الطفرة الحضارية والتطور العلمي في شتى المجالات وسهولة الطريق أمام الشاعر للانتشار حيث توافر مختلف الوسائل الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة ، فمن الطبيعي أن يبحث الشاعر المعاصر عن الكسب المادي مقابل مايبذله من جهد ذهني  ومايقدمه من عمل إبداعي من أجل إثراء مدارك عشاق الشعر.
ولكن "وهنا بيت القصيد " لايكون هذا الكسب المادي مشروعاً إلا عبر وسائل راقية لايكتنفها الامتهان ، كأن يقوم الشاعر ببيع ديوان صوتي ، أو مرئي، أو مقروء مما يحفظ كرامته واعتداده بذاته الشعرية، أما ماهو مرفوض أن يحاول شاعرٌ ما بحكم تمكنه من الصنعة تحقيق منافع شخصية بطرق من شأنها أن تفضي به إلى الانحدار الذوقي  وتفقده الرفعة واحترام الذات، وللتعرف على بعض الظواهر المخجلة ماعلينا سوى القيام بقراءة الصحف الإعلانية ومواقع التواصل  لنرى مقدار  الانفلات والهوس  المادي وحالة التخبط التي تمارسها مجموعة من الباحثين عن المنفعة المادية على غير الوجه المشروع والمقبول الذي ذكرناه.
متناسين أنهم يقومون ببيع قصائدهم "مشاعرهم" مقابل مبالغ زهيدة لمناسبات الأفراح وأعياد الميلاد ، إضافة إلى التعاقد مع مكتب أو مؤسسة "لتصدح" بقصائدهم المطربات الشعبيات .
لاشك أن لهذه الظاهرة المرفوضة انعكاسات
سيئة على الواقع الشعري بصفة عامة ، إذ تخلق مناخاً مناسباً لشيوع الابتذال والتسطيح ، وتسئ إلى كل ماهو جميل ونبيل في ساحة الشعر الشعبي، فنحن لم نصل إلى هذا الحد المخيف من العوز المادي حتى يجنح الطمع ببعض الشعراء لعرض قصائدهم للبيع بصورة هي أقرب للتسول.

تعليقات

اكتب تعليقك