#شعر | حكمت حسن جمعة: نَشِيْدُ العَاشِقِ الأَوَّل

فن وثقافة

الآن 1817 مشاهدات 0


هي قصيدة حداثية متوهجة  بما تنطوي عليه من صور إبداعية وصيغ مجازية راقية تتناول مفهوم الحب من نافذة ذات عمق فلسفي ، قصيدة للشاعر السوري القدير حكمت حسن جمعة أحد الفائزين بجائزة "أمير الشعراء" 2009م :

في اللَّيْلِ تَنْهَشُني الذِّئابُ
وفي الصَّباحِ :(( أَنَا أُحِبُّكِ ))
لَنْ أُغَالِبَ فِيْكِ دَمْعَاً مَا يَسِحُّ
وَغَدَاً سَأَكْتَظُّ انْتِظَارَاً
مِقْعَدٌ يَكْفِي
لِيَكْسِرَ عُزْلَتِي
لَمْ أَكْتَرِثْ إِلاَّ لأَعْقَابِ السَّجَائِرِ
كَيْفَ أَلهاهَا التَّكَاثُرُ تَحْتَ نَافِذَةٍ
كَأَنْ لم يَشْتَعِلْ كِبْرِيْتُهَا عِشْقَاً
تُرَاوِغُني سَتَائِرُهَا
"هُنَالِكَ مَرَّ ظِلُّكِ "
كَيْ أَظَلَّ وَ فِيَّ أَسْئِلَةٌ تلِحُّ
أَنَا لا أُحِبُّ اللَّيْلَ إِلا فِيْكِ
لَكِنَّ الحَقِيْقَةَ أَوْجَعَتْني
أَسْنَدَتْ لِلسَّيْفِ خَاصِرَتي
وَسَوَّغَتِ السُّقُوطَ الحُرَّ
فَوْقَ رَصِيْفِ أَحْلامِ الزُّجَاجِ
وَلم تَشِفَّ العَيْنُ عَنْ دَمْعٍ
سَيُوْقِظُ مَا تَبَقَّى مِنْ فَرَاشَاتٍ
وَلمْ يَفْتَرَّ جُرْحُ
* * *
في اللَّيْلِ تَنْهَشُني الذِّئابُ
وَفي الصَّباحِ (( أَنا أُحِبُّكِ ))
حَطَّ نَسْرٌ مَا ....
لِيَنْهَشَ مَا تَبَقَّى مِنْ حُطَامِ اسْمِيْ
وَيَمْضِيَ جَارِحَاً وَجْهَ الغِيَابْ
أَتْعَبْتُ مِنْ شَوْقِي إِلَيْكِ الدَّهْرَ
لَكِنْ ..
مَا تَعِبْتُ
وَسِرْتُ في الأَشْوَاقِ
لَكِنْ ...
ما وَصَلْتُ
وَعُدْتُ مَكْسُوْرَاً
وَلَكِنْ ...
بَعْدُ لمْ يُغْلَقْ أَمَامَ الشَّوْقِ بَابْ  
لمْ أَنْهَزِمْ يَوْمَاً وَلَكِنِّي
إِذَا مَا خُضْتُ فِيْكِ الحَرْبَ
سَوْفَ يَصِيْحُ بي قَدَرٌ تَوَقَّفْ
لَنْ يَطُوْلَ وُقُوْفُ قَلْبي عِنْدَ مُنْعَطَفٍ
سَيَكْفِيْني مِنَ النَّايَاتِ
حُزْنٌ غَامِضٌ
مُرِّيْ عَلى كُلِّ المَقَامَاتِ الحَزِيْنَةِ
في ثُقُوْبِ النَّايِ
لَنْ تَجِدِيْ سِوَايَ
أَخُطُّ فَوْقَ ضَبَابِ شُبَّاكِي :
(( أُحِبُّكِ ))
ثُمَّ يَمْحُوهَا ضَبَابْ
أَنَا غَامِضٌ كالبَحْرِ
لَوْ غَامَرْتِ فِيْهِ
أَغْمِضِي عَيْنَيْكِ
تَكْفِي حَاسَّةُ اللَّمْسِ الأَنَامِلَ وَ الشِّفَاهَ
لِكَيْ يَمُّرَّ النَّمْلُ
مِنْ جَسَدٍ إِلى جَسَدٍ
وَتَشْتَعِلَ السَّنَابِلُ فِيْ
بَيَادِرِ رَغْبَتي
غُوْصِيْ
وَلا تَطْفِيْ كَمَا قَشُّ الحَصِيْرَةِ
لمْ أَجِدْ في الفَقْرِ مَا يُثْنِيْ عَنِ الحُبِّ
ارْتَدِيني فيْ لَيَالِيْ البَرْدِ
وَارْتَادِيْ عَذَابي فِيْكِ
تَمْنَحْنَا قَلِيْلَ الدِّفْءِ
حَشْرَجَةُ العَذَابِ
فَرُبَّمَا
في اللَّيْلِ تَنْهَشُني الذِّئَابْ

تعليقات

اكتب تعليقك