#شعر محمد إبراهيم يعقوب: تراتيل العزلة

فن وثقافة

الآن 777 مشاهدات 0


"صعدتُ المرايا كلما خِلتُ بهجةً
تنبّهتُ أنّ الفقد من كان يصعدُ"

صعود المرايا(الآمال) ترافقه بهجة الاستمرار ورغبة الوصول، لكن قد يتحول الصعود إلى بوصلة تائهة حين يحدث اللامتوقع ، ويفضي  إلى فقْد الوسيلة لملامسة القمة .

هنا الشاعر السعودي المتألق محمد إبراهيم يعقوب يصعد بهذه القصيدة إلى آفاق الإبداع بما تتضمنه من صور شعرية مشرقة ولوحات مجازية راقية يسافر بها في خارطة الذات بأعمق العبارات:

بمن سوف أنجو زورق الليل مغمدُ
وفي لجتي سيفان : نايٌ وموعدُ

وصوتي الذي في الجبِّ قد فاض ماؤهُ
وفضّت لياليهِ التي كنتُ أشهدُ

ولم أدرِ هل في الريح علّقتُ أضلعي
وقد ينقض الإنسانُ ما ظلّ يعقدُ

صعدتُ المرايا كلما خِلتُ بهجةً
تنبّهتُ أنّ الفقد من كان يصعدُ

كأني و تطوافي غريران .. أنصتا
إلى حكمة الأشجار والخطو ينفدُ

وما نبتة  الإفصاح إلا  خرافةٌ
فلا الماء عرّافٌ ولا الظلّ يُحمدُ

تناسلتُ في عطف القرابين قامةً
لها الركب يشدو والمطايا تُغرّدُ !

وهوّمتُ منشقاً عن الذات .. علّني !
وهل يبعثُ الإيمان عمرٌ مشرّدُ

ورتبتُ أسرار العناقيد ، لا انتهت
إليها لذاذاتي ، ولا اهتزّ معبدُ

مدينٌ إلى كلّ الضلالات بالشجى
ولي في فضاء الوقت عشقٌ ممرّدُ

وإن كنتُ مطعوناً فللجرح وثبةٌ
وللآه موّالٌ .. وللحزن  منشدُ

أُرجّي  سماواتي  بنوءٍ  وربما
يطول وقوف المرء والباب موصدُ

ولما تشرّبتُ الملالات شجّّني
غرورٌ أسيٌ  ملء  أجفانهِ  غدُ

ووالله لم أوقظ لسخطٍ مشيئتي
فلا شيء يُغري والمرارات تُرصدُ

وهذا قميص العمر لا ردّ دهشةً
إليّ .. ولا  غيُّ النهايات  يرشدُ

فمن يرفع الأوجاع عن حدس وجهتي
وفي  كل مسعى  غايةٌ  لا تجسّدُ !

وإن عزّ حلمٌ قد  تشظّيتُ دونهُ
ففي رعشة الصلصال آخرُ يُمهدُ

متى سوف لن أُجنى تراتيل عزلةٍ
وأشجي النّدامى كلما قلتُ ردّدوا

وأروي إذا الريح استكانت فرادتي
ويقضي على هول الشتات التوحّدُ

متى ؟ربما يصغي إلى صوت وحشتي
ملاذٌ بهِ  أنجو ..ومن  فيهِ أُولدُ

تجلّيتُ في نفسي فما كدتُ أنتمي
أنا البحر والمجداف والعجز واليدُ

أنا لعنة الطوفان أقصى رغائبي
ظهوري على أرضٍ بها الشعر سيّدُ

تعليقات

اكتب تعليقك