داهم القحطاني: «ميسي وينه.. كسرنا عينه»

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 371 مشاهدات 0


الهزيمة كما يقال نفسية في الدرجة الأولى، ولهذا رأينا كيف تعاملنا جميعاً مع مباراة السعودية والأرجنتين في بطولة كأس العالم المقامة حالياً في قطر، وكأن الخسارة مضمونة للمنتخب السعودي، واعتبرنا أن الفوز سيصل وبرسم الخدمة للمنتخب الأرجنتيني.

كنت ممن حضر المباراة التاريخية التي لم تكن في حقيقتها مجرد مباراة رياضية، بل كانت درساً عملياً لـ88 ألفاً و12 شخصاً هم مجموع من حضرها في استاد لوسيل في الدوحة، ولملايين غيرهم حول العالم بأن الهزيمة في الأصل نفسية، وبأنك ستخسر كل معاركك وتحدياتك إن لم تستطع أن تمنع خصمك من أن يهزمك من الداخل.

لهذا كله انتصر الفوهرر هتلر بجيشه النازي على خصومه بداية الحرب العالمية، لأنه اعتمد على الدعاية السياسية المرعبة التي اتبعها وزيره الداهية جوزيف غوبلز.

صديقي الذي بجانبي قال لي لنستمتع بتشجيع المنتخب السعودي في الربع ساعة الأولى قبل أن يقوم ليونيل ميسي اللاعب الداهية بالتلاعب بالدفاع السعودي وتسجيل نصف درزن من الأهداف، من دون أن يتوقع أن تنتهي المباراة والجماهير السعودية تردد وبسخرية «ميسي وينه.. كسرنا عينه».

أمامنا كان هناك شخص لبناني يرتدي وأسرته قمصان المنتخب الأرجنتيني ذات الرقم عشرة، لكنه كان وأسرته مذهولين وهم يرون لاعبين عرباً من جلدتهم يتلاعبون بميسي ورفاقه، ويقدمون للعالم واحدة من أجمل وكبرى مفاجآت كؤوس العالم حسب وصف الاتحاد الدولي لكرة القدم.

سألته لماذا لا تشجع المنتخب السعودي وهو أقرب لك فقال من كان يتوقع أن يستطيع السعوديون هزيمة الأرجنتين فاعذرني.

عشرات الآلاف من الجماهير العربية ندمت على تشجيع منتخب أتى من أقاصي الأرض وتركت منتخباً عربياً أذهل العالم بتقديم عرض كروي سيذكره التاريخ طويلاً. 

لهذا رأينا جميعاً لقطات فيديو في شبكات التواصل لجماهير عربية تنزع قمصان الأرجنتين وترتدي قمصان الأخضر السعودي، وفي الحقيقة كان هؤلاء ينزعون الوهم الذي سجنهم في وسائل الإعلام والذي كان مفاده أن هزيمة الآخر مستحيل لن يتحقق.

لاعبو المنتخب السعودي وعندما كسروا الحاجز النفسي استطاعوا أن يقدموا مستواهم الحقيقي، ويتعاملوا مع الأرجنتين كمنتخب قوي جداً، ولكن يمكن هزيمته، وهو ما حصل بالفعل.

الدرس المستفاد من هذا الفوز التاريخي للمنتخب السعودي أننا أحيانا نهزم أنفسنا بأنفسنا عندما نهدي خصومنا انتصارات مجانية من دون أن نجعلهم يدفعون الكلفة اللازمة لذلك أو يكونون هم الطرف الخاسر.

ليونيل ميسي لن ينسى أبداً هذا الدرس الذي استفاد من غيابه عن أذهان الخصوم هو ومنتخبه لسنين طويلة.

هذا الدرس انتبهت له منتخبات أخرى فرأينا الهزيمة المذلة للمنتخب الألماني على يد اليابانيين، إذ حطَّم الساموراي الماكينة الألمانية التي تردد الدعاية الصحافية والتلفزيونية دائماً بأنها لا تقهر.

كما رأينا المنتخبات العربية تحقق نتائج غير متوقعة أمام منتخبات عريقة، فالدنمارك المرشحة للقب تتعادل مع تونس، وكرواتيا وصيفة بطل العالم 2018 تقبل بالتعادل مع المنتخب المغربي.

الهزيمة نفسية بالدرجة الأولى فلا تهزم نفسك بنفسك.

تعليقات

اكتب تعليقك