يوسف عبدالرحمن: «التفنن» في الحياة!

زاوية الكتاب

كتب يوسف عبد الرحمن 412 مشاهدات 0


التفنن هو المقدرة على الابتكار والإبداع ومهارة التعامل مع الآخرين بعيدا عن سوء الظن!

قصص حقيقية في الحياة في التفنن في الصدقة أو في سوء الظن، واحدة في جبر الخواطر، والأخرى في شكوكنا وظنوننا والإساءة لمن هم حولنا!

اقرأ واستوعب مبتغاي من ذكر هاتين القصتين المختلفتين:

الأولى: بطلها صاحب مطعم كريم وراويها ناقل أمين، يقول:

دعونا نقرأ معا...

بينما أنا أنتظر تجهيز طلبي لشراء دجاجة مشوية جاء رجل يظهر أنه رقيق الحال، فسأل صاحب المطعم بكم الدجاجة؟

فقال له: بكذا.

فخرج الرجل ورأيته يحسب ويعد في فلوسه، ثم دخل وقال لصاحب المطعم:

لو سمحت ممكن تشوفلنا واحدة صغيرة وبثمن أقل، فصاحب المطعم أخذ تلفونه ورد على مكالمة ونفس الوقت يومئ للرجل برأسه كأنه يقول له حاضر وهو يبتسم ويظهر عليه السرور وسرعان ما أنهى المكالمة.

وهو يقول الحمد لله يا رب على هذه النعمة وهذا الفضل، وقام بإخراج دجاجة كبيرة مشوية وقدمها للرجل وقال له وجهك وجه الخير، لقد رزقت بولدين توأم.

وهذه هدية مني لك يا وجه الخير والبركة.

أخذ الرجل الهدية وفرح بها ودعا له: يتربوا في عزك ويبارك لك فيهم ودعوات خير كثير، وخرج من عنده فرحا مسرورا.

وبينما أنا أنظر لما يحدث أحضروا لي طلبي وقمت بدفع النقود لصاحب المطعم وتهنئته وقلت له ألف مبروك عليك.

فضحك وقال لي: والله لا زاد علي ولد ولا اثنين ولم يتصل بي أحد، وإنما هي فكرة خطرت لي كي أساعد هذا الرجل وقد لاحظت أنه محتاج ويود شراء دجاجة لعائلته، ونقوده لا تكفي، وهو ممن لا يسألون الناس إلحافا تحسبهم أغنياء من التعفف، فقمت بعمل ما رأيته حتى أحفظ له كرامته ولا يشعر بأنها صدقة فقدمتها له هدية.

القصة الثانية:

سرق جارنا كتابي..

لم أعثر على كتابي، فاشتبهت بأن ابن جاري قد سرقه، فشرعت بمراقبته، فكانت مشيته مشية سارق الكتاب.

وكان الكلام الذي ينطق به، مثل كلام سارق الكتاب.

وتصرفاته تفضحه وكأنه سارق الكتاب، فبت ليلتي ساهرا، حزينا، أضناني التفكير مما جرى لي مع ابن جاري.

وبصورة غير متوقعة، وبينما كنت أقلّب مكتبتي، عثرت على الكتاب!

وعندما نظرت إلى ابن جاري في اليوم التالي من جديد، لم يظهر لي شيء.

لا في مشيته!

ولا في هيئته!

ولا في سلوكه بما يوحي بأنه سارق الكتاب!

ليلة أمس كنت أنا أكبر سارق!

فعندما اتهمت ابن جاري ظلما سرقت أمانته وبراءته.

وعندما بت في حزن وأرق، سرقت يوما من حياتي!

في أوقات كثيرة تحكمنا مشاعرنا، وشكوكنا، وظنوننا، فنخطئ الحكم، ونسيء لمن حولنا للأسف!

٭ ومضة:

يا الله شفتوا شلون تفنن صاحبنا في إخراج صدقته من غير ما يحرج السائل!

هذا، والله الخلق الرفيع من غير منّ ولا «معاير»، خلق رفيع وهذا ما ينطبق على شعبي وأهلي في الكويت.

٭ آخر الكلام:

في القصة الثانية رأينا كيف أوصل سوء الظن صاحبنا إلى الاتهام دون دليل بعيدا عن حسن الظن المنشود، وهكذا هي حياتنا من صنع أفكارنا ما لم نطهرها ونصقلها!

٭ زبدة الحچي:

عزيزي القارئ الكريم في كل مكان، أتعلم أن أكبر خطايانا هو الخروج عن صراط الله والناس؟!

لهذا علينا أن نتطهر من خطايانا على الدوام.

يقول الله تعالى في كتابه المحكم: (ويل لكل أفاك أثيم) الجاثية: 7.

يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس».

اليوم خطيئتنا أننا ابتعدنا عن النفس اللوامة وتملكنا الحسد وكثر الفساد.

من الحكم الهندية الرائعة: المسيء لا يظن بالناس إلا سوءا لأنه يراهم بعين طبعه!

تذكروا: أن الشجرة المرة لو طليتها بالعسل لا تثمر إلا مُرّاً!

.. في أمان الله.

تعليقات

اكتب تعليقك