أحمد الصراف: دين السياسة وعقيدتها
زاوية الكتابأحمد الصراف أكتوبر 23, 2022, 10:13 م 457 مشاهدات 0
لم يكن لي يوما أي ميل لأن أصبح سياسيا. حتى محاولات الانخراط أو الاشتراك في تنظيمات سياسية، وئدت مبكرا، ولم أسع بعدها لمنصب أو مركز، مكتفيا بما حققته من نجاح في عملي، والجلوس في الصفوف الخلفية، مستمتعا بوضعي، كمراقب.
السياسة تعني المجاملة، والرياء، وغالبا الكثير من النفاق، أو ما نسميه مجاملة، وهذا دأب الجميع، ولكنه أكثر وضوحا مع السياسيين، أو ما تفرضه السياسة عليهم، وهذا عرف سائد في كل دول العالم، والاختلاف يكمن فقط في درجة استفحال هذا الرياء أو تلك المجاملة من مجتمع لآخر.
يقول جورج أورويل: الشعب الذي ينتخب الفاسدين والمحتالين واللصوص والخونة هو ليس شعبا ضحية، بل هو شعب متواطئ!
من الأمور التي تزعجني شخصيا في السياسة زيادة جرعة تعرض صاحب القرار لمعضلة الاختيار بين بدائل أو خيارات متعددة، أحلاها مُر، وهي معضلة يتعرض لها كل إنسان ولكن خياراته عادة تؤثر عليه، أما خيارات السياسي فيتأثر بها غيره بصورة أقوى، وتقرر مصير كيان أو دولة، أو ملايين الأفراد!
وأكثر ما يضحكني في السياسة آراء واستنتاجات من يسمون بـ«المراقبين السياسيين»، وخاصة الذين يصرون أو يستمتعون بوضع حرفي الألف والدال أمام أسمائهم، والذين غالبا ما تكون تحليلاتهم، أو تحليلات «مراكزهم الاستراتيجية» مضحكة وأبعد ما تكون عن الواقع. ولو حاول أي من هؤلاء قراءة ما سبق أن قاموا بتحليله أو التنبؤ، لضحكوا من هزال آرائهم، ولربما فكر كثير منهم في الاعتزال، ولكن لأضواء الإعلام بريقها الجاذب.. للبعض!
ومن أكثر المناصب السياسية حرجا، وتطلبا للرياء والدبلوماسية، أو إتقان الكذب بصورة مهذبة، هي مناصب مسؤولي الخارجية، والدبلوماسيين عموما، والناطقين الرسميين، والإعلام، وخاصة في الأنظمة الدكتاتورية، الذين يطلب منهم في أحيان كثيرة التنصّل عن سابق تصريحاتهم، وإصدار ما يخالفها تماما، أو نفيها والاكتفاء بالسكوت، لأن القائد أو الزعيم الأوحد والأجمد لم يرتح لها!
والسياسة هي أيضاً فن الممكن، والخلافات تقع بين السياسيين، وتاليا بين جيوش وشعوب دولهم، ليس فقط من أجل تحقيق طموحات أو «أطماع» طرف ما، بل وأيضاً بسبب كراهية أو عداوات شخصية أو عدم «هضم» أحدهما للآخر!
ولو استعرضنا تاريخ أحداث وحروب كثيرة لأصابتنا الدهشة من تفاهة الأسباب التي وقفت وراءها، والتي أدت لخسارة عشرات أو مئات الآلاف لأرواحهم، وغير ذلك من خسائر مادية هائلة.
كما نجد أن دولاً تعادي بعضها بعضاً في قضية ما، ولكنها تقف متضامنة في المحافل الدولية من قضية أو قضايا أخرى، وهذا ما رأيناه في الحرب الأهلية السورية، التي كادت فيها قوى التخلف والظلام أن تستولي على الحكم، فجهات معادية بعضها لبعض بقوة جمعها خندق واحد، إما مع هذا الطرف وإما مع الطرف الآخر، فهي تؤيد هذا الطرف هنا وتعارضه في ساحة حرب أخرى، وهكذا!
وبعد كل ذلك هل للسياسة دين أو خلق؟
تعليقات