أحمد يعقوب باقر: دراسة اقتراحات الأعضاء حول «التشريعية» وسوق العمل والمظاهرات والمواكب
زاوية الكتابكتب أحمد يعقوب باقر أكتوبر 23, 2022, 10:17 م 461 مشاهدات 0
اطلعت على بعض اقتراحات القوانين التي قدمها بعض الإخوة الأعضاء فور افتتاح مجلس الأمة، ولا شك أن هناك اقتراحات كثيرة غيرها ستقدم خلال الأيام القادمة، فرأيت أن أبدي الملاحظات التالية:
* أولاً: اقترح أحد الأعضاء عدم عرض اقتراحات الأعضاء على اللجنة التشريعية، وهو اقتراح غير مناسب، إذ نص قانون اللائحة في المادة ٩٧ على وجوب عرض الاقتراحات على هذه اللجنة (لإبداء الرأي في فكرته ولوضعه في الصيغة القانونية) ولا شك أن هذا يقتضي بحث دستوريته ومدى توافقه مع الأحكام والمبادئ العامة للدستور في الحرية والعدالة والاقتصاد والشريعة.
أما القول بتعطيل هذه اللجنة للاقتراحات الكثيرة المقدمة فهذا تجيب عنه اللائحة في المادة 55 التي تنص على أن تقدم اللجنة تقريرها خلال ثلاثة أسابيع من إحالة الموضوع إليها، وإذا تكرر تأخير اللجنة عرض رئيس المجلس الأمر على المجلس في أول جلسة تالية وللمجلس أن يقرر ما يشاء، أي أنه يوجد علاج في اللائحة لأي تأخير في اللجنة.
وأيضاً فإن لكل لجنة في المجلس اختصاصها، ولا يجوز الخلط بين الاختصاصات، ويجب إعطاء كل اقتراح حقه من الدراسة في اللجنة المختصة.
* ثانياً: لاحظت أن بعض الاقتراحات توجد عليه شبهات دستورية، مثل اقتراح صحة اجتماعات المجلس دون حضور الحكومة، واقتراح التصويت العلني في انتخابات مناصب المجلس، وقد أبدى عدد من الأساتذة الدستوريين تحفظاً عن هذه الاقتراحات مما يلزم بحث دستوريتها واستشارة الخبراء الدستوريين، خصوصاً أن رفع الجلسات بسبب عدم حضور الحكومة هو عرف استقر عليه المجلس منذ أكثر من ستين عاماً.
* ثالثاً: بعض الاقتراحات يحتاج إلى دراسة اقتصادية مع ربطه بسوق العمل الكويتي، مثل اقتراح تعديل المرسوم بالقانون 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية بالسماح للموظف بالجمع بين الوظيفة والعمل في القطاع الحكومي أو الأهلي، ولم تتضح تفاصيل هذا الاقتراح وكيفية هذا الجمع، علماً بأن القانون الحالي يسمح للموظف الحكومي بالعمل في القطاع الأهلي خارج أوقات الدوام فهذا جائز حالياً، إلا إذا كان المقصود أن يكون الموظف هو صاحب العمل، أي صاحب ترخيص الشركة أو المؤسسة أو مالك الترخيص، وإذا كان هذا المقصود من الاقتراح فهو يناقض خطة الدولة في توفير فرص العمل للعدد الهائل من الخريجين الجدد، إذ سيكون لكل موظف حسب هذا الاقتراح ترخيص تجاري ووظيفتان في القطاعين العام والخاص في سوق العمل الكويتي، وهو سوق صغير ومحدود أصلاً، ومن واجب السلطات أن تزيد توفير فرص العمل للقادمين الجدد لا أن تضيقها عليهم.
أما إذا كان المقصود من الاقتراح أن يجمع الموظف بين وظيفتين حكوميتين فهذا لا يجوز طبعاً، ولنفس الأسباب السابقة ولغيرها أيضاً، ولكن الجائز قانوناً أن يُنتدب الموظف الحكومي إلى عمل آخر إلى جانب وظيفته ولمدة معينة وبمكافأة معينة، فهذا معمول به حالياً.
* رابعاً: أما اقتراح السماح بالمظاهرات والمواكب دون ترخيص من السلطات العامة فهو مخالف لحكم المحكمة الدستورية التي ذكرت في حكمها (2014/8) أن طلب الترخيص صحيح دستورياً، وأضافت: «لأن التجمع في الطرق والميادين إنما يمس حقوق وحريات الآخرين والإضرار بمصالحهم وتعطيل الحركة الاقتصادية وتهديد السكينة العامة»، وكذلك فهو مخالف أيضاً لكثير من الفتاوى الشرعية التي تراوحت بين المنع المطلق والسماح للضرورة، مع وجوب أخذ الإذن والترخيص من السلطة المختصة، وضوابط أخرى، ومنها فتوى وزارة الأوقاف تجنباً لأي مفسدة قد تقع.
وبناء على ذلك، يجب على الحكومة دراسة هذه الاقتراحات وغيرها من جميع الجوانب ولا تستعجل بالموافقة أو الرفض، حتى ترجع إلى أهل الاختصاص، وعند الخلاف حول دستوريتها لا بأس من تقديم طلبات التفسير للمحكمة الدستورية.
* الخلاصة أن على السلطتين التأني في إقرار اقتراحات القوانين، ودراستها من جميع الجوانب الشرعية والدستورية والاقتصادية والمالية والاجتماعية لأهميتها وأثرها الكبير في المجتمع، والله الموفق.
تعليقات