أحمد الصراف: شهيدات العادات البالية
زاوية الكتابكتب أحمد الصراف أكتوبر 19, 2022, 11:41 ص 423 مشاهدات 0
لا مجموعة بشرية، بمثل عددنا، تضع المرأة في هذا الدرك الهابط والمتدني، وربما ينافسنا غلاة اليهود في نظرتهم المسيئة للمرأة، ولكنهم لا يشكلون، لا عددياً ولا نظرياً، أي تأثير في مجتمعهم أو العالم.
بسبب هذه النظرة الدونية، فإن مجتمعاتنا هي الأكثر ارتكاباً لما يسمى زوراً بـ«جرائم الشرف»، فهي جرائم جبانة وقذرة وأبعد ما تكون عن الشرف، فالشرف الحقيقي الذي فشلت كل كتبنا ومقررات مدارسنا في أن تبين لنا حقيقته، وما المقصود منه، وكيف أنه أساساً يتعلق بما يسيء أو يَمسّ سمعة الرجل أو المرأة، سواء كان تصرفاً أو موقفاً. فالأمانة مع مال الدولة والآخرين شرف، وعدم هضم حقوق الغير في العمل وفي الشارع شرف، واحترام وقت الآخرين شرف، وأداء العمل مقابل أجر بطريقة صحيحة شرف وغير ذلك من أمور أخلاقية، وهو بالتالي لا يكمن في نصف متر مربع من جسد المرأة.
فتواصل سلسلة جرائم قتل النساء في المنطقة العربية يعود لأعراف متجذرة تتعلق بقلة الاحترام لآدمية المرأة واسترخاص دمها، فهي بنظرهم كانت وستبقى أداة، وهي أيضاً «مسؤولية على الأسرة»، وحزن الأب عندما يرزق بفتاة مثال؛ لأنه يعتبر نفسه وإخوتها وأخوالها وأعمامها مسؤولين عن المحافظة على شرفها، أو بالأحرى سمعتها وعذريتها.
***
شهدنا في الفترة الماضية مجموعة جرائم مروعة ضد شابات عربيات، أو بالأحرى مسلمات، قُتلن بشكل «انتقامي» إما لرفضهن الارتباط بالقتلة، أو على يد قريب أو شريك معنِّف.
وتعيد هذه الجرائم إلى الواجهة النقاش حول ضرورة تغيير قوانين الأحوال الشخصية، وسن أخرى أكثر صرامة لحماية المرأة، فعار علينا وجود قوانين بسجن الرجل بضع سنوات، أو حتى بضعة أشهر إن أزهق روح «أنثى» من أسرته، لمجرد الشك في سلوكها.
وجاء مقتل الشابة المصرية لبنى منصور، وبعدها الأردنية وغيرهما؛ ليمثلا أحدث حلقات مسلسل العنف ضد المرأة، إذ هز مقتلهما مواقع التواصل الاجتماعي، والسبب «خلافات شخصية»!
وسبق أن قُتلت الطالبة الأردنية إيمان إرشيد بالرصاص داخل حرم جامعتها، وفي مصر ذُبحت الطالبة الجامعية نيرة أشرف، أمام أبواب الجامعة، بعدما رفضت طلبه التقرب منها.
وليس مستبعداً أن القاتل الأردني اتخذ من القاتل المصري قدوة سيئة قبل ارتكاب جريمته وإطلاق النار على الشابة إيمان داخل حرم الجامعة.
إن خلف قيام كل رجل بقتل امرأة، لمجرد أنها رفضت الارتباط به، جنسياً، وخلف كل عنف، سواء نفسي أو جسدي أو جنسي، تتعرض له المرأة، أنا ذكورية غذّتها المنظومة الأبوية، من ثقافة مُجتمعية وقوانين وأعراف وعقائد، سلبت النساء استقلاليتهن وحرية اختيارهن، وسهلت التعامل مع الجرائم التي تُرتكب بحقهن!
***
تسمى المرأة في اللغة الأردية (الهندية الآرية) لغة باكستان الرسمية، إضافة للغات عدد من الدول الإسلامية في جنوب شرقي آسيا، تسمى رسمياً بـ«عورة»، وهذا يختصر نظرة ملايين المسلمين لها!
كثير من عتاة المدافعين عن الدين والعادات والتقاليد يرفضون جلوس موظفة كاشيرة في الجمعية، بغير حجاب حتى لو لم تكن مسلمة، فمنظرها من غير حجاب يثير غيرتهم! لكن رؤية هؤلاء أنفسهم لمئات الفتيات والنسوة وهن يجمعن الطعام من القمامة لا تثير غيرتهم أبداً!
مجتمعاتنا منافقة، وهناك من يريدها أن تبقى كذلك، وبعض لجان مجلس الأمة الجديدة تقول ذلك.
تعليقات