داهم القحطاني: أسرار الصفقة بين الحكومة والقوى السياسية
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني سبتمبر 22, 2022, 10:53 م 481 مشاهدات 0
حملات انتخابية فيها الكثير من الأماني والتمنيات، وقليل من التشخيص الدقيق لأزماتنا الحقيقية والملحة كبلد، ولا شيء تقريبا من أي معالجة محددة وتتضمن ميزانية محددة، وأدوات تشريعية.
لماذا يحصل هذا في الكويت رغم أن حياتنا الدستورية ستصل إلى عامها الستين في شهر نوفمبر المقبل؟!
الإجابات متعددة بالطبع، لكنها في مجملها تحمل اتهامات مباشرة للحكومة وللقوى السياسية، وأيضا لمؤسسات المجتمع المدني، وأيضا للأغلبية الساحقة من الرأي العام الكويتي، فجميع هؤلاء تقريبا لم يتبنوا طوال هذه السنوات نظاما برلمانيا يقوم على المؤسسات، واختاروا وشجعوا بدلا من ذلك العمل الفردي، وفي أحيان نادرة العمل الجماعي القائم على الفردية كما في محاولات الحركة الدستورية الإسلامية، والتحالف الوطني الديموقراطي.
من المستفيد من حالة اللا تنظيم في العمل السياسي في الكويت؟
بالطبع المستفيدون كثر، فالحكومة استطاعت عبر هذه الصفقة الصامتة مع التيارات السياسية، والشخصيات السياسية المستقلة أن تسيطر على مفاصل العمل السياسي في الكويت، والثمن في هذه الصفقة أن تتيح لهذه التيارات، والشخصيات المستقلة قليلا من النفوذ والسلطة التي يوفرها المقعد النيابي.
وبدلا من أن تقوم هذه التيارات السياسية، والشخصيات السياسية المستقلة بالضغط على الحكومة، واستغلال حركة الشارع الصادقة والعفوية من أجل تشريع قوانين ترسخ العمل السياسي وتخرجه من العمل الفردي المشتت، إلى العمل المؤسسي الراسخ، نجدها ونجدهم وللأسف يجعلون التركيز فقط على كل ما يحافظ على شعبيتهم، ويعيد انتخابهم، ويحفظ لهم هذا الفتات من النفوذ والسلطة.
المحاولة الوحيدة التي خرجت فيها التيارات السياسية، والشخصيات السياسية المستقلة من قواعد هذه الصفقة الصامتة، أتت عندما قررت الحكومة نفسها أن تتخلى عن هذه الصفقة وتخلق طبقة سياسية جديدة عبر «الصوت الواحد»، حيث وجدنا هذه التيارات والشخصيات تتخلى عن تحفظها التقليدي، وتتحدث عن مصطلحات سبقهم إليها النشطاء من التيارات الشبابية ومنها الحكومة المنتخبة، ورئيس الوزراء الشعبي، والأمة مصدر السيادة.
ولكن مجددا عندما قررت الحكومة أن تعيد الحياة لهذه التيارات والشخصيات بدءا من انتخابات 2016 وجدنا أن تقريبا كل من شارك في تقديم مشروع الإصلاح السياسي الذي تقدم به ائتلاف قوى المعارضة عام 2014، تناسى هذا المشروع المتقدم جدا، وعاد وبلهفة لتحصيل الفتات من النفوذ والسلطة التي يتيحها المقعد البرلماني.
بعد ذلك كان الأمل المتاح هو الحوار الوطني العام والذي تمت المناداة به منذ نحو 12 سنة، وكنت آنذاك ممن وضع تصورات محددة لكيفية عقده.
ولكن وللأسف هذا المطلب الوطني المستحق تم اختطافه، وطرحه كوسيلة لإعادة تأهيل آخر حكومات صباح الخالد الميتة سريريا، والابقاء على مجلس 2020 والذي كان حينها جثة هامدة.
وهكذا تحول الحوار الوطني من مطلب وطني واعد إلى فشل ذريع إلى أن جاء الخطاب الأميري النادر من نوعه، والذي تضمن مضامين غير مسبوقة، ودعوة إلى التغيير الحقيقي في موقف متقدم جدا من السلطة.
ولكن وللأسف لم تستثمر التيارات السياسية، والشخصيات السياسية المستقلة هذه الفرصة التاريخية عبر تقديم طرح انتخابي متقدم يتضمن حزمة واضحة ومحددة من الإصلاحات الدستورية، والقانونية، حتى تستعد السلطة للتعامل معها.
لا يزال الطرح السياسي منشغلا في القضايا السطحية، وفي اجترار قضايا الماضي، وفي تكرار العبارات العامة التي تغلب عليها التمنيات، ولا تقدم أطرا محددة.
تعليقات