علي البغلي: لن نصدق حتى نرى!

زاوية الكتاب

كتب علي البغلي 3331 مشاهدات 0


وزارتنا الجديدة بقيادة رئيسها الشاب الشيخ أحمد نواف الأحمد، أرسلت لنا رسائل عديدة بأن الماضي ولَّى ولن يعود، وستعمل الحكومة بعيون حمر وجدية وصرامة لمكافحة الفساد والتنفيع، وكل ما هو سيئ في ادارة الدولة التي عايشناها منذ سنوات، لنصبح في آخر الركب بين شقيقاتنا دول الخليج، التي كنا نتباهي – وبحق – أمامها بمراكزنا الأولى في كل ما يخطر على بال في مجتمعنا الديموقراطي. لتصبح الديموقراطية مؤخراً – وللأسف – هي أحد أهم أسباب الفساد والتنفيع وخذ ما تأخذ بدون يرف لك جفن! 

وبالمناداة الحكومية الأخيرة بالروح الجديدة التي ستتبناها وبالقرارات الجديدة التي اتخذتها على الاقل في مواجهة الدواوين والهيئات والمؤسسات التابعة للحكومة والتي كانت تقبض الملايين من المال العام وهي متفرجة على كل بلاويينا، فقام مجلس الوزراء منذ أيام بإيقاف عملها الذي لا تعمله، فسعدنا بذلك! 

*** 

لكن جهة واحدة لم تعر هذا الموضوع انتباها وهي الاحزاب الاصولية المتزمتة، والتي عفا عليها الزمن ومنعت من البقاء والعمل، ما عدا دولتنا الرشيدة. فقامت هذه الأحزاب بشد عضلاتها والاستعراض المقيت والذي ثار ضده معظم أفراد الشعب الكويتي ما عدا القلة المستفيدة، وأعني هنا اعلانها عن وثيقة التخلف المجتمعي القصوى او ما سمته «وثيقة القيم» التي وصفتها صحيفة القبس وبحق في 12 سبتمبر الجاري بأنها – أي الوثيقة – «ارهاب فكري يتمدد»! 

حيث إنه كما وصفتها صحيفتنا بأن مضامينها تصطدم بقوانين البلاد وتناقض طبيعة المجتمع المنفتحة المتسامحة، وأن كاتبوها نصَّبوا أنفسهم سلطةً موازيةً تقترح القوانين وتحاول فرضها على بقية الشعب. 

وهي وثيقة تنز أو تسيل منها أدبيات وأفكار ومعتقدات طالبان وداعش والقاعدة والنصرة وما شابهها، وهي – أي هذه الجهات – تؤمن بأفكار ومعتقدات عفا عليها الزمان وووريت التراب منذ مدة، والجهات الأصولية – المسكوت عنها كويتياً – أحيتها من جديد لإثبات أنها – أي تلك القوى الأصولية – «نحن هنا»، وبإمكاننا التحكم في مجتمعكم من طفولة أولادكم حتى مشيبهم، وذلك بإغلاق أبواب الانفتاح فيه حتى لو كان انفتاحاً أثرياً قديماً، لأن القوى الأصولية بمساندة حكومية هنا أعادت للوراء عقوداً وسنوات بشكل لم تعهده الكويت بتاريخها الممتد لحوالي 4 قرون، أي منذ تأسيس الكويت حتى الآن. حيث كانت بلداً منفتحاً بالنسبة لجيرانها وأشقائها.

*** 

ما وددت أن أعرِّف عنه هو أن الشعب الكويتي ثار بجميع مكوناته على تلك الوثيقة ومحتواها المتضاد مع الدستور والقوانين السائدة (صحيفة الجريدة 15 سبتمبر)، ولكننا حتى الآن لم نستمع الى رأي الحكومة الرشيدة الجديدة، ذلك أن أعضاءها سيكونون أعضاء بمجلس الأمة، ويصوتون على تلك الوثيقة الطالبانية إذا عرضت على المجلس بشكل قوانين، وهو أمر مهم يثبت لنا مصداقية حكومة البشوت البيضاء بأعضائها ورئاستها في أمر يمس أفراد المجتمع فرداً فرداً، ليعيدهم قروناً للوراء. فنحن لن نقول إن ثقتنا اهتزت حيالكم يا حكومتنا الموقرة، لكن نود أن نسمع من طرف مسؤول فيكم رأيكم في وثيقة التخلف، المراد من خلالها تقييد حريات المواطن والمقيم، فلن نصدق من الآن فصاعداً «آراءكم» حتى نسمعها واضحة ونراها أمام أعيننا، حتى نصدق. وكما يقول إخواننا الإنكليز: Seeing is Believing. 

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 

هامش:

فرحت جداً بسماعي عن تعبير «قيم»، حيثُ ظننت أن بعض المرشحين سيتقدمون بقانون «للجنة القيم» تحكم تصرفات أعضاء المجلس. وهو أمر – أي لجنة القيم – فشلتُ بتمريره بمنتصف تسعينيات القرن الماضي عندما كنت عضواً في مجلس الامة. وهو أمر لا يخلو منه برلمان في العالم إلا برلمان أو مجلس شارع الخليج العربي! ويا فرحة ما تمت، فإذا الموضوع يتعلق بخنق ما تبقى لنا من قيم حضارية بسيطة في مجتمعنا المبتلى ببعض أعضاء برلمانه وحكوماته اللارشيدة!

تعليقات

اكتب تعليقك