خيرالله خيرالله: يرحل «العهد القوي»... ويبقى كابوس السلاح!

زاوية الكتاب

كتب خيرالله خيرالله 366 مشاهدات 0


بعد شهر وثلاثة أسابيع، يصبح ميشال عون وصهره جبران باسيل خارج قصر بعبدا. يعدّ اللبنانيون الأيام، بل الدقائق، التي تفصل عن نهاية فصل فقط من هذا الكابوس اللبناني الطويل.

أخذ الكابوس مجده إبان «العهد القوي» الذي بدأ في العام 2016 والذي تبيّن أنّه «عهد حزب الله» الذي لا يهمّه ما يحل بلبنان واللبنانيين ومستقبل أولادهم، خصوصاً المسيحيين منهم.

من الآن، يمكن القول، بكلّ راحة ضمير، أنّ الكابوس اللبناني لن ينتهي في 31 أكتوبر المقبل عندما سيجد عون نفسه مضطراً إلى العودة إلى حيث كان يقيم في الرابية بغير محض إرادته.

سيجد نفسه مضطراً إلى الخروج من القصر الرئاسي لسبب في غاية البساطة.

يتمثل في معرفته بأنّ عقوبات أميركيّة وأوربيّة ستفرض عليه وعلى أفراد من عائلته ردّاً على أي خرق منه للدستور.

لا شكّ أن عون وباسيل يعرفان معنى العقوبات الأميركيّة، خصوصاً بعدما طالت الصهر بموجب ماغنتسكي المتعلّق بالفساد.

سيكون الخروج من بعبدا في اللحظة التي تنتهي بها ولايته بمثابة خسارة للورقة الأخيرة التي كان الثنائي الرئاسي (عون - باسيل) يعتقد أنّه يمتلكها في المواجهة مع رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي وحكومته المستقيلة من أجل فرض حكومة جديدة يتمتع فيها صهر رئيس الجمهوريّة بالثلث المعطل.

للأسف الشديد، لن يكون يوم 31 أكتوبر 2020 الذي ينتظره معظم اللبنانيين من كلّ الطوائف والمذاهب والمناطق، على أحرّ من الجمر، نهاية الكابوس اللبناني الطويل.

بل سيكون بمثابة تمديد للكابوس في ضوء العجز عن تمديد العهد.

هذا الكابوس الذي بدأ مع توقيع اتفاق القاهرة في خريف 1969 وتوّج بوصول عون إلى رئاسة الجمهوريّة مرشّح للاستمرار نظراً إلى أن في أساسه ميليشيا مذهبيّة مسلّحة.

عملت هذه الميليشيا منذ 40 عاماً على تهديم مؤسسات الدولة اللبنانيّة، على نحو منهجي، استكمالاً لما حصل ابان الانتشار الفلسطيني المسلّح بعد العام 1969.

سيرحل عون وصهره عن الرئاسة، لكن الكابوس باقٍ. كلّ ما في الأمر أن الثنائي الرئاسي استُخدم في إطار خطة مدروسة وضعت منذ سنوات طويلة استهدفت تهجير المسيحيين وشرذمة السنّة وتهميش الدروز.

استهدفت الخطة أيضا تدمير المقومات التي في أساس لبنان، بدءاً من القطاع المصرفي وانتهاء بالنظام التعليمي وملف الكهرباء، مروراً في طبيعة الحال بعزل لبنان عن محيطه العربي وقطع الطريق على أي تحقيق جدّي، محلّي أو دولي، في كارثة تفجير مرفأ بيروت.

يظل كابوس السلاح المذهبي المرتهن للأجندة الإيرانية في أساس الانهيار الذي حل بلبنان، سيظلّ رهان باسيل على سلاح «حزب الله»، وهو ما ظهر من خلال ظهوره الأخير، الرهان الوحيد على إمكان فرضه رئيساً للجمهوريّة كي لا يكون من أمل لدى اللبنانيين في نهاية للكابوس في يوم من الأيّام.

من هذا المنطلق، ليس مهمّاً انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة خلفاً لعون.

مثل هذا الرئيس لن يغيّر شيئاً مثلما لم يغيّر شيئاً انتخاب مجلس جديد للنواب استناداً إلى القانون العجيب الغريب المعمول به منذ العام 2018.

جاء نواب تغييريون، معظمهم في حاجة إلى تغيير، أقلّه استناداً إلى البيان المضحك المبكي الذي أصدروه وحددوا فيه مواصفاتهم لرئيس الجمهوريّة المقبل.

بدا هؤلاء النواب، في معظمهم، وكأنّهم يؤدون هذه المرة امتحاناً خطياً للحصول على شهادة في «الوطنيّة» من الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله.

يتجاهلون أن في أساس الكابوس اللبناني وجود سلاح هذا الحزب والدور المهيمن الذي يمارسه على كلّ البلد وكلّ المرافق.

كيف يمكن حصول أي تغيير من أي نوع في لبنان من دون الكلام صراحة عن معاناة البلد من الاحتلال الإيراني ومن وجود «مرشد» للجمهوريّة اللبنانية تسيّره أجندة إيرانية ولا شيء آخر غير ذلك.

من يحتاج إلى تأكيد لذلك يستطيع طرح سؤال: هل يستطيع لبنان الاستفادة من توقيع صفقة أميركيّة - إيرانية في شأن الملفّ النووي لـ«الجمهوريّة الإسلاميّة» أو من عدم توقيع مثل هذه الصفقة؟

الجواب لا. استطاع سلاح الحزب تحويل لبنان إلى مجرد ورقة إيرانيّة. لا وظيفة أخرى للبلد خارج هذه الوظيفة.

بات لبنان، في ظلّ «العهد القوي»، على هامش كلّ ما يدور في المنطقة والعالم. عندما يقبل حزب مسيحي مثل «التيّار الوطني الحر» أن يكون مجرّد غطاء لسلاح «حزب الله»، لا يعود هناك ما هو مستغرب.

لا يعود مستغرباً حتّى ترديد باسيل أمام مجموعة من الصحافيين ما سبق و أعلنه نصرالله عن المعادلة العسكريّة بين لبنان وإسرائيل في ما يتعلّق بحقل كاريش.

يحاول باسيل تقديم أوراق اعتماده مجدداً إلى «حزب الله».

سيظل لبنان في حال استنزاف ما دامت لم تتحدّد البوصلة الحقيقية والواضحة للمعركة الأخيرة التي يخوضها اللبنانيون في وقت صار مصير بلدهم على المحك.

إنّها معركة كابوس الاحتلال الإيراني ولا شيء آخر.

كلّ ما تبقى، من نوع الرهان على رئيس جديد للجمهوريّة، مضيعة للوقت.

يعود ذلك إلى أنّ لا مجال لانتخاب رئيس جديد للجمهوريّة يتمتع بحد أدنى من الوطنيّة الحقيقيّة والروح السياديّة في ظلّ وجود السلاح الإيراني الذي يحمي كلّ ما له علاقة بالفساد والفاسدين وفوضى السلاح.

ثمّة حاجة إلى جمهوريّة قبل الحاجة إلى رئيس للجمهوريّة. كلّ ما تبقى تفاصيل وأحلام ورديّة بوجود «المدينة الفاضلة»... أو «جمهوريّة أفلاطون»!

تعليقات

اكتب تعليقك