خالد الطراح: الكذب بصدق!
زاوية الكتابكتب خالد الطراح سبتمبر 8, 2022, 10:15 م 3381 مشاهدات 0
حقبتا السبعينيات والستينيات ليستا ربيعاً عربياً كما حدث في معظم البلدان العربية في الماضي القريب، وإنما هما مرحلتان تاريخيتان اقتحمتهما الثورات والصدام بين الشعوب والسلطات من أجل حريات حقيقية وتحولات سياسية واعدة، صاحبتها تضحيات من شرفاء في العالم العربي.
الكويت لم تكن بمعزل عن أحداث الستينيات والسبعينيات، فقد تفاعل الشعب أيضاً مع ما شهدته الساحة العربية من مواجهات سياسية غاضبة، فالشعب الكويتي أيضاً صاحب تاريخ في النضال وتحقيق مكتسبات ديموقراطية لم نزل ننعم بها.
نشهد منذ عقود من الزمن نشاطاً متلوناً ومتقلباً لبعض الأكاديميين والسياسيين الانتهازيين ممن ادعوا العمل الوطني في السبعينيات بثورية وكتابات اتسمت بمعارضة - شكلية - وهذا لا يعني التعميم، وإنما نخص من اختار الكذب بصدق عن مواقف وهمية عن العدالة الاجتماعية.
نجد اليوم ما يسمى بمفكرين في الصحف الدولية، محللين حيناً ومنتقدين بحذر شديد حيناً آخر، على قنوات التلفزيون، على عكس ما كانوا عليه في السبعينيات، حين كانت تزحف إليهم المجاميع الشابة التفافاً حول آراء مثيرة للجدل بمضمونها ظاهرياً!
وجد الانتهازيون السياسيون ضالتهم لدى أحضان سخية مادياً جعلتهم يتحدثون بلغة المال، ويتنقلون في العالم على متن الطائرات الخاصة مع من كانوا يعارضونهم في السبعينيات، فسطوة المال لها قيمة أكبر من النضال السياسي الذي له مردود لا تصرفه البنوك!
المتلونون لهم حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي بحجج واهية عن تعميم الفائدة للمقالات والتقارير، وهو غطاء لتصدير مكنونهم الذاتي بعد انتقالهم من مرحلة تصدير نضال وهمي إلى مرحلة التنفع السياسي والرياء الاجتماعي.
لم يعد تعريف الهوية الوطنية لدى البعض كما كان في السبعينيات والستينيات، خصوصاً ما يتصل بالاغتراب والعدالة الاجتماعية والانتماء، فلدينا من يراهن على النسيان ليقدم ما يرضي مصادر الترف المادي والتجاري!
ولم يعد هناك حياء سياسي وإخلافي لدى بعض الأكاديميين المختصين في علوم السياسة والاجتماع والإعلام، حين يتم تبني وجهات نظر عربية مناهضة للديموقراطية في الكويت والتطاول على المؤسسة الدستورية ومكتسباتها.
تجار التجزئة السياسية يحرّضون اليوم ضد الديموقراطية الدستورية الكويتية بعد أن وجدوا ذاتهم بين أحضان حنونة رفعتهم بالمال السياسي وجعلتهم يكذبون بصدق حتى بتنا نخشى عليهم من تصديق أنفسهم!
«المنافق الحقيقي هو الذي لا يدرك خداعه لأنه يكذب بصدق»!
تعليقات