د.موضي الحمود: يخلق من الشبه «ناخبين»
زاوية الكتابكتب د. موضي الحمود سبتمبر 7, 2022, 10:39 م 503 مشاهدات 0
في متابعتي لدراسة ثرية نشرتها مؤسسة الفكر العربي بتاريخ 29/8/2022 للكاتب د. فادي قناش حول سوسيولوجيا* الانتخابات النيابية اللبنانية هدفت إلى قياس سلوك الناخب في ضوء نتائج الانتخابات اللبنانية المتعاقبة والتحالفات السياسية، وعكست الصورة الواقعية لذهنية الناخب في مجتمعاتنا العربية على الأغلب، وجدتُ كثيراً من نتائجها ينطبق إلى حد كبير على سلوكياتنا كناخبين في الكويت، خصوصاً ونحن مقبلون على الانتخابات النيابية في القريب العاجل، والتي ستجرى في ظل أجواء التفاؤل التي أشاعها الخطاب السامي والتوجه الجاد للقيادة السياسية نحو الإصلاح السياسي.
ولعل أكثر هذه النتائج قرباً لواقعنا ما يلي:
أولاً: اللجوء إلى «العصبية»، والتي نطلق عليها بمفهومنا الكويتي كمحاولة لتلطيفها أو تبسيطها «بالفزعة أو الحمّية»، سواء أكانت هذه العصبية للعائلة أو الطائفة أو القبـيلة.. سلـــوك تمارســـه الأغلبيــة - إلا ما رحم ربي - مسكوت عنه عند البعض وظاهر كالشمس عند الكثيرين، بل أصبح أكثر وضوحاً وتأثيراً في نتائج الانتخابات في السنوات الأخيرة على الرغم من عمر الديموقراطية الممتد لأكثر من 60 عاماً.
ثانياًَ: الاعتماد على «المرجعيات التقليدية والجاه السياسي» عدد ليس بالقليل من المرشحين يستند إلى - إرثه العائلي - أو جاهه السياسي للتأثير في النتيجة لمصلحته، ويزداد هذا العامل وضوحاً وخطراً حين يقترن بالمال السياسي والإنفاق السخي على شراء الأصوات أو تعزيز المكانة السياسية.
ثالثاً: ظاهرة - نكاد ننفرد فيها - وهي قدرة المرشح على فتح أبواب الخدمات الحكومية للمقربين.. حيث شجعت الممارسة الحكومية وعلى مدى سنوات على إبراز نواب الخدمات، وعززت قوة وسطوة الواسطة النيابية التي زادها حضوراً عدم تكافؤ الفرص وتراجع أداء الإدارات الحكومية في كثير من مرافقها.
رابعاً: الانتماء إلى الجماعات «الأصولية» - من قبل الطائفتين سنة وشيعة - والتي احتلت حضوراً قوياً في مجتمعاتنا في ظل غياب الأحزاب السياسية المعلنة أو الجماعات المدنية المشهرة على اختلاف أنواعها، حتى أصبحت للجماعات الدينية مقاعدها النيابية في المجالس المتعاقبة وأجنداتها المعلنة.
هذه السلوكيات مارسها الناخب الكويتي وتشابه فيها مع كثير من أقرانه في المجتمعات العربية.. وإن ازدادت حضوراً وتجذراً في مجتمعنا، فأدت إلى اعوجاج الممارسة وانحراف النتائج الانتخابية لإفرازها مجموعة من النواب ممن سعى كثير منهم إلى مصالحه الخاصة أو مصالح جماعته ومؤيديه.. وبالتالي، تضاءل تأثير القلة النيابية المتجردة والمنحازة للمصلحة العامة في توجيه دفة العمل النيابي للوجهة الصحيحة، فغاب الإصلاح وتعطلت التنمية.
ما زال الوقت مبكراً في يقيني لتبدل أو التخلي كلياً عن هذه السلوكيات في الانتخابات القادمة ولكن هناك مؤشرات طيبـــة تمثـــلت بوجـــود -وجوه جديدة- وأغلبها من الشباب تسعى إلى الإصلاح وإن كانت إلى الآن غير قادرة على تنظيم نفسها في قوائم مؤثرة، كما أنها قاصرة في تسويق نفسها ويفتقد كثير منهم للبرامج والخطاب الإعلامي الجيد.. ويجب أن يستكمل المجلس القادم مسيرة إصلاح النظام الانتخابي والتي بدأتها الحكومة مشكورةً في اعتماد قوائم البطاقة المدنية للتصويت، وذلك باعتماد نظام القوائم الانتخابية أو العمل بأكثر من صوت للناخب أو غيرها من متطلبات تصحيح النظام القائم، وحتى يتم ذلك فالأمل معقود أن يستجيب المواطنين للمناشدة السامية والتاريخية من القيادة السياسية للشعب بتصحيح مسار المشاركة الوطنية «بأن لا تضيعوا الفرصة لتصحيح هذا المسار».. لعلنا فاعلين برد التحية بأحسن منها عبر اختياراتنا القادمة.. والله الموفق.
*سوسيولوجيا: دراسة السلوكيات والتفاعلات الإنسانية في المجتمعات.
تعليقات