عبدالعزيز الكندري: بعض القرارات مُؤلمة... ولكنها مهمة!

زاوية الكتاب

كتب عبدالعزيز الكندري 436 مشاهدات 0


الخطاب التاريخي لسمو أمير البلاد والذي ألقاه سمو ولي العهد،

لا شكّ أنه خطاب رسمَ الخريطة لمرحلة جديدة، حيث تمّ حل مجلس الأمة والعودة للشعب وتأسيس مرحلة جديدة في تاريخ الكويت المعاصر حيث قال سموه: «لن نتدخّل في اختيارات الشعب لممثليه... ولن نقوم كذلك بدعم فئة على حساب فئة أخرى بل سنقف من الجميع على مسافة واحدة».

الخطابُ يعد نقلةً وسينعكس ذلك على أداء الحكومة وهذا ما نشاهده من محاربة الانتخابات الفرعية وغيرها من القرارات الإصلاحية، وهو توجه محمود يهدف للخروج من عُنق الزجاجة والمشاكل السياسية التي عَصفت بالكويت خلال الفترة الماضية، وهي بداية لمرحلة جديدة.

من الأمور المهمة والتي يجب على الحكومة الأخذ بها بجدية هو موضوع الاقتصاد، ويجب ألا نتفاءل كثيراً بارتفاع أسعار النفط وقد ترتفع أكثر، ولكن هذا الارتفاع سيعقبه انخفاض أو إيجاد مصدر بديل، لذلك لا بد لاقتصادنا أن يكون منتجاً بشكل حقيقي، قادراً على الاستمرار وإن احتجنا إلى هيكلة وإلغاء بعض المؤسسات وبناء مشاريع حقيقية وليس إسكات الناس بزيادات موقتة.

إنّ القطاع الخاص لا بد أن يكون له دور حقيقي في بناء اقتصاد منتج، ولعلّ بعض الدول الخليجية حولنا سبقتنا في هذا المجال، وموقع الكويت الاستراتيجي يؤهلها أن تكون نقطة التقاء للعديد من دول الجوار حولنا.

ما تحتاجه الحكومة اليوم هم شباب الكويت الذين لديهم كفاءة في الاقتصاد وهم كُثر ولكن يحتاجون إلى فرصة، وهناك الكثير من الحلول يساهم في تنويع مصادر الدخل، مثل اختبار العناصر الشبابية المحترفة في الإدارة العامة، والاهتمام بالمشاريع الصغيرة بشكل حقيقي بعيداً عن البيروقراطية، وتطوير الصناعات النفطية، والاهتمام بالتعليم الحقيقي.

وقد تكون الحروب المقبلة بلا أي أسلحة أو بنادق وإنما تكنولوجية، فلا بد من الاهتمام بالأمن السيبراني، وتأهيل العناصر الوطنية عليه لحماية مصالحنا وتأمين مستقبلنا، وذلك من خلال نقل الخبرات إلى بلدنا.

ومفتاح التغيير الحقيقي هو التشخيص السليم الذي مثل نصف الحل، لذلك لا بد من إصلاح الإدارة العامة والإبقاء على الأصلح منهم، لأن في إصلاح الإدارة تنصلح أمور البلد بأكمله، وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والتوقف عن توزيع المناصب كهبات وتنفيع وبعضهم بالكاد يقرأ ويكتب ولكن لديه منصب جاء إليه عن طريق البراشوت.

وهناك دول حديثة أعادت تصحيح مسارها الإداري في سنين قليلة وبالإدارة الحصيفة استطاعت التقدم والنمو مثل سنغافورة واليابان، فاليابان لم يستسلم شعبها للهزيمة على الرغم من بشاعتها ولا تكاد تجد أي بيت يخلو من الأجهزة اليابانية، وبعد الحرب العالمية الثانية كان هناك نحو 13 مليون طفل ياباني ليس لديهم مقعد مدرسي، وأكثر من 40 ألف مدرسة تم تدميرها، ومع ذلك وجدنا التعليم الياباني في المقدمة الآن، هذا لو علمنا بأن الإدارة والقيادة اليابانية لم تستغرق سوى 25 عاماً تقريباً فقط وهي قليلة بعُمر الدول.

وهذه «سنغافورة» جزيرة بلا موارد طبيعية وأصغر من جزيرة بوبيان الكويتية، وتعتبر البلد الأصغر في جنوب شرقي آسيا، وحصلت على الاستقلال سنة 1965، وتسلّم زمام الأمور بعد هذا التاريخ، لي كوان يو، ليجد المشاكل التي لا تعد ولا تحصى كالبطالة والفساد الإداري وأزمة السكن... إضافة إلى شعب خليط من مختلف الأعراق والأجناس من الصين والهند، واليوم تعتبر سنغافورة خامس أغنى دولة في العالم من حيث احتياطي العملة الصعبة، وأكثر البلدان استقراراً سياسياً في آسيا وفق تقرير التنافسية العالمي...

كل ذلك بسبب حُسن الإدارة.

تعليقات

اكتب تعليقك