داهم القحطاني: «مرسوم ضرورة».. ظاهره الرحمة وباطنه العذاب
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني أغسطس 22, 2022, 10:25 م 374 مشاهدات 0
قبل أقل من شهر من إجراء الانتخابات قامت الحكومة بإجراء تغييرات جذرية في النظام الانتخابي، وعبر آلية مرسوم بقانون ضرورة ما من شأنه تغيير الطبيعة التي سيكون عليها برلمان 2022.
هذا الإجراء يذكرنا بقيام حكومة سابقة بتغيير جذري آخر للنظام الانتخابي في العام 2012 تمثل في تغيير آلية التصويت إلى الصوت الواحد، وهو ما ساهم في تغيير طبيعة تشكيل البرلمان آنذاك.
الآن لدينا وضع غير دستوري بسبب هذه التغييرات، فالدائرة الخامسة التي أضيف إليها فجأة أكثر من 150 ألف ناخب تمثل ثلث عدد الناخبين، ولن يمثلها سوى 10 نواب بدلاً من 16 نائباً، والدائرة الثانية التي يمثل عدد ناخبيها 10 في المئة من الناخبين سيمثلها أيضاً 10 نواب بدلاً من 5 كما تفترض العدالة.
هذا التباين سبقت أن اعتبرته الحكومة وضعاً غير دستوري؛ لأنه يضرب مبدأ العدالة، وذلك في مذكرة الطعن الدستوري الذي تقدمت به ضد قانون الدوائر الخمس عام 2012.
الحكومة ليس من حقها تحت أي ظرف التدخل في النظام الانتخابي منفردةً، حتى ولو كان الهدف نبيلاً، فتطهير الجداول الانتخابية ممن سجل بخلاف القانون لمصلحة بعض المرشحين الذين ينجحون تقليدياً عبر عمليات نقل القيود الانتخابية من دائرة إلى أخرى، لا يعني بالضرورة خلق حالة جديدة من الفوضى الانتخابية، والتي سينتج عنها حتماً ـــ في ظل نظام الصوت الواحد ـــ برلمان مشوه لا يعبر عن حقيقة الإرادة الشعبية.
الدستور يقول صراحة في المادة الـ81: «تحدد الدوائر الانتخابية بقانون»، ومجلس الوزراء الحالي حدد الدوائر بغير القانون، فمرسوم قانون الضرورة أداة مختلفة عن القانون، وتغيير الجداول الانتخابية حتى وإن كانت تضم قيوداً مخالفة للقانون كما ذكرت الحكومة في المذكرة الإيضاحية لمرسوم الضرورة، لا يعني مطلقاً القيام بتسجيل جماعي لكل المواطنين الكويتيين المتوافر فيهم شروط الناخب بمن فيهم المخالفون للتسجيل وفق الموطن الانتخابي فهذا التسجيل تجاوز حالة الضرورة.
كان يمكن وفق نظرية الضرورة منع هؤلاء المخالفين من التصويت؛ لأن تصويتهم يعتبر جريمة انتخابية، ويجوز أن يجري ذلك عبر القرارات التنظيمية التي تصدر بشأن الانتخابات أو بمرسوم ضرورة.
هنا يكون المنطق صحيحاً، فالحكومة لا تتجاوز حالة الضرورة، والجداول الانتخابية ستكون خالية من المخالفين، والنظام الانتخابي سيبقى كما هو من دون تغيير جذري إلى حين انتخاب البرلمان الجديد، وهو وحده، بمن فيه الحكومة كون الوزراء أعضاء فيه، المخول دستورياً بتغيير النظام الانتخابي.
الحكومة أيضاً تجاوزت الدستور عندما اعتبرت أن إضافة مناطق انتخابية في ظل حل مجلس الأمة تعتبر تدابير لا تحتمل التأخير، رغم أنها إجراءات تنظيمية بحتة سبق أن مرت انتخابات عدة من دون إصدارها بمرسوم ضرورة.
نعم كمواطن وكناخب أرفض مرسوم الضرورة المتعلق بتسجيل الناخبين وفق سجلات البطاقة المدنية؛ ليس لأنني فاسد أو لأنني مستفيد، بل لأن ما حصل أعتبره تجاوزاً للدستور، ويتضمن شبهة الاعتداء على حق مجلس الأمة في تحديد الدوائر بقانون، وليس بمرسوم ضرورة يصدر وفق تقدير الحكومة، وأيضاً لأن هناك وسائل معالجة أخرى.
تعليقات