عبدالله الشايجي يدعو الى نبذ الخلافات والاتعاظ بالغير
زاوية الكتابكتب أغسطس 29, 2007, 11:12 ص 507 مشاهدات 0
ثم اصبحوا 12 وزيرا ..وماذا بعد؟
لم يسبق ان تصدعت وتعرضت حكومة لهذه الهزات والتشقق بهذا الوقت المبكر من عمرها
القصير. فقدت الحكومة ثلاثة وزراء خلال فترة الخمسة اشهر هي عمر الحكومة. ويحمل
ثلاثة من وزرائها حقائب وزارية بالتكليف بدلا من الوزراء المستقلين، بينما يحمل نصف
وزرائها حقيبتين وزاريتين، ويحمل وزير ثلاث حقائب وزارية معا. في هذا الوقت يتم
اعداد استجوابات لثلث الوزراء المتبقين.
تصعقنا الصحف اليومية بسلسلة من الاخفاقات والخلافات والتهديدات والمواقف للنواب
والوزراء، تذكرنا بالشلل والوضع المتردي الذي وصلنا اليه في الكويت. سمو رئيس
الوزراء انتقد في لقائه مع قيادي المواصلات ومؤسسة الرعاية السكنية سوء قطاعات
البريد والخطوط الكويتية، وطول فترة انتظار السكن للمواطنين، وسط مطالبات بتخفيض
فترة الانتظار للحصول على السكن وخصخصة قطاع البريد وتحديث اسطول الكويتية. ومنذ
مطلع الصيف نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من قطع مبرمج للكهرباء، جعل منا اضحوكة بين
دول المنطقة، وذلك يعكس تردي الاوضاع وتراجعها في دولة كانت رائدة في اقليمها،
وباتت اليوم تعاني من التراجع وحتى الجمود. اذا ما اضفنا إلى كل هذا، تردي الاوضاع
الصحية والتعليم وتفشي الفساد وكسر القانون والاعتداء على المال العالم لدولة
مواطنوها بالكاد تجاوزوا المليون، ولديها فائض مالي يتجاوز 24 مليار دولار، ودخل
قومي يتعدى 100 مليار دولار، ويكتمل المشهد المؤلم.
المشكلة هي ليست ازمة موارد ومصادر كحال كثير من الدول، بل ان المأزق هو مأزق ادارة
وقرار لدولة غنية غير قادرة على تأمين الخدمات والمرافق لشعبها الصغير المترف، في
ادانة واضحة للقطاع العام الذي يبدو مثقلا مترهلا وحتى عاجزا عن تحقيق انجازات ترضي
المواطنين. ضمن المماحكات المستمرة بين السلطتين يصل التردي مستوى غير مسبوق
بمطالبة عدد من نواب الأمة بإسقاط القروض الشخصية للمواطنين، في خطوة غير مسبوقة في
برلمانات العالم. لأن الهم ضيق ينحصر في الدائرة والقبيلة والطائفة ولم يتطور ليكون
هما وطنيا. وهناك استقطابات داخل اجنحة الاسرة الحاكمة تستقوي ببعض الكتل السياسية
التي لا يجمعها الكثير سوى تحالفات هلامية سهلة الاختراق ومن دون انضباط حزبي، مما
جعل التقلب وعدم الثبات وسهولة الانشقاق والاختراق والتفرد بالقرار وحتى
الاستحوابات سمة العمل السياسي لدينا. بينما يحتدم النقاش حول جدوى النظام الحزبي
من عدمه.
ولكن الخطر اليوم يكمن في ما يتم طرحه وتوقعه من سيناريوهات حول استقالة الحكومة
التي يعمل وزراؤها بالتكليف اكثر من وزاراتهم الاصلية بالوكالة. كيف يعقل ان تبقى
وزارة النفط مصدر الدخل الاساسي للدولة من دون وزير اصيل بعد ثلاثة اشهر من استقالة
وزيرها؟ تصريحات الوزراء المستقلين عن خوفهم على البلد وعن الاجواء التي لا تسمح
بالعمل باتت الخبز اليومي للعلاقة بين السلطتين. استقالات للوزراء بعد استجوابات
شلت البلاد لأشهر منذ مطلع العام، واطاحت بأربعة وزراء خلال اربعة اشهر. في بلادي
هناك وزراء ينوءون بحمل وزارات لا يقدرون على ادارتها وسط ترويج سيناريوهات استقالة
الحكومة، وحل دستوري او غير دستوري لمجلس الامة. والعمل وسط هذه الاجواء دائمة
الاحتقان لا تؤدي الى تأخير المشاريع والتنمية والانجازات. بل الى الجمود والتراجع
وتداخل السلطات، نتمنى كمواطنين الا تنقطع الكهرباء والا نصاب بمرض. ونتردد في
الذهاب إلى مستشفيات او ارسال اولادنا إلى مدارس الحكومة التي تكلفت المليارات.
باختصار، لو كانت الحكومة شركة مساهمة لأعلنت افلاسها ولطالب المساهمون باسترجاع
اموالهم.
وماذا بعد؟ والى اين نذهب من هنا؟ والى متى يمكن للحكومة ان تحكم وهي تفتقد
الاغلبية التي تمكنها من تطبيق برنامجها؟ مر اكثر من 5 اشهر ولم تقدم برنامج عملها
بعد، فكيف تعمل؟ وهذا من دون نقاش التهديدات الامنية المحدقة بنا من العراق وايران،
وتهديدات الجماعات الارهابية والخلايا النائمة. دعا صاحب السمو الامير الشيخ صباح
الاحمد بمناسبة مرور العام الاول على توليه الحكم: «كفى خلافات واتهامات.. والعاقل
من اتعظ بغيره.. فإنني ادعوكم من اجل الكويت الى نبذ خلافاتكم والكف عن توجيه
الاتهام الى احد من دون بينة». وقبلها عندما كان سموه رئيسا للوزراء عام 2005 انتقد
ما آلت اليه التجربة الديموقراطية عندما تساءل: «وهل ما يحدث عندنا فعلا يشكل
ممارسة ديموقراطية صحيحة؟ وهل هذه هي الديموقراطية في تعريفها؟ انا لا اسمع الا
ضجيجا وفرته هوامش الحرية في البلد، اي اسمع جعجعة ولا أرى طحنا». فنعلم اننا اضعنا
الطريق، وقد يكون آن الاوان لجردة حساب، وتساؤل مدو كيف وصلنا الى هنا؟ ونحن نقضي
على نموذجنا الذي كان مميزا وملهما.
د.عبدالله الشايجي
الوسط
تعليقات