خالد الطراح: حتى الأقلام تتسكع!

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 451 مشاهدات 0


العمل الفكري لا يشترط سناً ولا زمناً، لكنه يتطلب وعياً عميقاً وعقلاً متحرراً، فحمل راية التنوير الثقافي والاجتماعي والإعلامي ليس ترفاً، بل مسؤولية ثقيلة على الكُتّاب، لكننا نشهد اليوم انحرافاً عميقاً عند البعض حتى أصبحنا أمام ظاهرة الأقلام المُتسكعة!

نحن اليوم نشهد عبثاً ممن يعاني صبيانية صحافية، خصوصاً حين يكون حولهم مطبلون من كورال التشويه الإعلامي، بينما هناك البعض الآخر من عشاق التخلف والتحريف، يزحفون نحو مراهقة إعلامية متأخرة لطمس دور التطور الإعلامي والثقافي. 

خرج إلى الساحة الصحافية مؤخراً من يتخيل نفسه محنكاً إعلامياً وثقافياً، بينما ما يسطر هو عبث بالقلم بأمور لا دراية له فيها، فمن بين هؤلاء من يكتب عن شؤون اجتماعية، وهو لا يفقه فيها، فضلاً عن التسكع بالقلم عن مظاهر اجتماعية وعادات وتقاليد معروفة.

إن الفكر المتحرر يكمن في تقبل كافة الآراء والانفتاح عليها وعدم اللجوء إلى التصغير من الآراء الأخرى وتسفيه المواقف المغايرة بحثاً عن بطولة صحافية واهمة، فالتحقير ليس سوى أسلوب الضعيف أو عاشق للغوغائية الصحافية! 

لم أعرف طوال سنوات من الكتابة في الصحف اليومية مثل «الشرق الأوسط» و«الحياة» و«إيلاف» الإلكترونية والقبس أيضاً أن هناك كتّاباً يمتهنون الإهانة المتعمدة والذمّ المباشر بالأفراد وكتاب آخرين وتيارات فكرية شتى، من دون التحلي بأخلاق المهنة الصحافية.. ولم أعرف أيضاً أن هناك لدى بعض الكُتّاب مدداً مفتوحة، وكأننا نتحدث عن مخزون غذائي استراتيجي مثلاً، ولعله دليل على هوس في الهذيان وليس الكتابة الحصيفة!

يستخدم بعض الكُتّاب ألفاظاً لا تليق بأخلاقيات ثقافية في احترام الرأي الآخر، بل يستحسن هؤلاء الاستعجال في عدم الاستماع إلى الحوار أو القراءة المتأنية للمقال في استخدام مفردات كالأهبل أو السخيف وغيرهما من مفردات لا تعكس سوى ضحالة التفكير.

والذي يرى أن التصغير من الآخرين وتحقير الآراء ظاهرة محمودة، لا يدرك حجم المرض الذي يعاني منه هؤلاء المتسكعون بالقلم، فهم يعيشون في محيط من الأوهام بين كورال الخيال المريض من قراء وقروبات في الواتس أب تتغنى بالمقالات الواهمة.

بلا شك أن تصغير وتحقير الآخرين وآرائهم لا يقود سوى إلى إشاعة الفوضى الإعلامية والصحافية، من دون مراعاة قواعد أخلاقية مبدئية في المجتمع وفي الوسط الصحافي ككل.

نقول لمرضى العقول وأصحاب التسكع بالقلم إن الأوهام ليست فكراً لتُصدر صحافياً، ولا هي حجج علمية حتى تُحترم، فمن الواجب احترام عقول الآخرين حتى يتمكن القراء من احترام الكاتب ذاته وآرائه، من دون الحاجة إلى التحقير والتسفيه للكُتّاب الآخرين.

عرفنا في زمن مضى وحتى اليوم المرتزقة والأقلام المأجورة في عالم السياسة والصحافة أيضاً، ولكننا نشهد في هذه المرحلة تسكع الأقلام الواهمة بالرصانة والحكمة، وكأنها سلعة تجارية أو مواد أثرية وتاريخية لليوم الأسود!

تعليقات

اكتب تعليقك