داهم القحطاني: خطاب الثاني والعشرين من يونيو

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 416 مشاهدات 0


عندما كان كثير من الأكاديميين، وكتاب الرأي، والسياسيين يحذرون من خطورة انعقاد جلسة المتقاعدين، لأن موضوعها لم يكن من العاجل من الأمور، وبما يتضمنه ذلك من مسّ مباشر بالدستور الكويتي، تعاملت الحكومة وأقليتها البرلمانية بانتهازية مع الموضوع، فتمّ عقد الجلسة عبر تبريرات نراها مهينة للدستور قيلت من وزراء لا اطلاع لديهم، ومن نواب لا خبرة برلمانية لديهم.

وماذا كانت النتيجة؟ 

حركة شعبية ووطنية شاركت فيها أطياف عدة من الشعب الكويتي، بمن فيهم المتقاعدون الذين حصلوا على مكافأة الـ3 آلاف دينار، من الذين أرادت الحكومة وأقليتها النيابية استغلال قضيتهم العادلة للتلاعب بالدستور لتمرير ما تشاء من قوانين للصرف المالي العالي.

هذه الحركة الشعبية والوطنية التي عرفت باعتصام بيت الأمة، حين اعتصم أعضاء مجلس الأمة المحتجون على تعطيل جلسات مجلس الأمة، بحجة أن الحكومة مستقيلة وهي معنية فقط بالعاجل من الأمور، تصاعدت خلال أسبوع شعبيا، وميدانيا، وسياسيا، وعالميا إلى أن تدخل سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد بخطاب شامل لحل الأزمة السياسية المتصاعدة، تضمن انتقادات حادة وغير مسبوقة للحكومة من أهمها افتقادها للرؤية، وعدم قدرتها على أداء واجباتها، وانتهى الخطاب إلى الإعلان عن حل مجلس الأمة حلا دستوريا.

لم يسبق لي أن سمعت أو قرأت خطابا رسميا يُعلي من قدر الشعب الكويتي بهذه الصورة الواضحة، والقدر العالي، والمباشرة فالخطاب اعتبر الشعب «المصير والامتداد والبقاء والوجود»، واعتبره في موقع آخر «مرتكز غايتنا الأولى والأخيرة وأنه صاحب الكلمة المسموعة في تقرير مصيره وتحقيق كل ما من شأنه تعزيز مكانته ورفعة شأنه».

الخطاب التاريخي الذي ألقاه سمو ولي العهد تضمن إطلاق سلسلة تأكيدات، من أهمها أن الدستور يعتبر شرعية الحكم وضمان بقائه والعهد الوثيق بين سلطة الحكم والشعب الكويتي وبينكم.

ومن التأكيدات التي تضمنها خطاب 22 يونيو التاريخي أن السلطة لن تحيد عن الدستور ولن تقوم بتعديله ولا تنقيحه ولا تعطيله ولا تعليقه ولا حتى المساس به، حيث سيكون في حرز مكنون كما أكد الخطاب. 

ومن أهم ما تضمنه خطاب 22 يونيو، برأيي، تأكيد سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد أن الشعب الكويتي، وأسرة الحكم شركاء في مسؤولية إدارة البلاد، وكان لافتا أنه في هذا الصدد قدَّم الشعب الكويتي على الأسرة الحاكمة، وفي ذلك رسالة عميقة ومهمة وجدت صدى شعبيا إيجابيا واسعا. 

هذا الخطاب غير العادي أوجد مخارج للأزمة السياسية الحالية، اعتمدت على الصيغة السياسية التي طالما تم عبرها تحقيق الانجازات العظمى في تاريخ الكويت، وهي أن السلطة لا تتدخل في الشأن السياسي بشكل مباشر وتترك الأمر للشعب الكويتي لينتخب نوابه من دون تدخل حكومي، ومن دون تدخل رسمي في اختيار رئيس مجلس الأمة.

تدخل السلطة هذه المرة لتضمن الانحياز للشعب الكويتي في حركته الشعبية والوطنية التي كانت ضرورية لوقف حالة التردي والانهيار التي كانت تمر بها البلاد. قادم الأيام قد يشهد محاولات مشبوهة للتخريب بين قوى المعارضة، والسلطة، ولهذا على النشطاء من الشباب الكويتي، ومن التيارات السياسية، ومن النواب، والنواب السابقين بمن فيهم المخضرمون، أن يستوعبوا الرسالة جيدا فيعملوا على تأسيس علاقة صحية جديدة وجيدة مع السلطة تطوي كل ما حصل في الحقبة السابقة، وتركز على التوجهات الجديدة التي تعبر عن حالة رائعة طالما انتظرها الشعب الكويتي.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك