حسن العيسى: تلاحقوا على الديرة
زاوية الكتابكتب حسن العيسى يونيو 6, 2022, 11:41 م 606 مشاهدات 0
يا ليت هذا العدد الكبير من نواب الأمة المتسابقين إلى نفخ جيب المواطن- انظر مانشيت «الجريدة» عدد أمس- بزيادات قد تكون ضرورية مع ارتفاع تكاليف المعيشة، أن يفكروا كذلك هم ومعهم حكومة «الخامل من الأمور» في الاستثمار بالإنسان، لا مجرد إشباع حاجاته الاستهلاكية فقط، كالاستثمار في تطوير وتحسين التعليم المتردي بما يوفر الأمن المستقبلي للفرد الكويتي ولوطنه المرقّع بالدراسات والتوصيات الورقية وكلها «تيش بريش».
السؤال: ما جدوى مئات آلاف الخريجين من الجامعات الخاصة والجامعات الأجنبية بالخارج في الدراسات النظرية مثل التاريخ والحقوق وكلية الشريعة وإدارة الأعمال إذا كان معظمهم لن يجد مكاناً في سوق العمل للقطاع الخاص، ولن يلقى غير المكتب الحكومي الخامل الآمن كي تتورم سرطانياً الوظيفة العامة، أو ينتظر طالب الوظيفة السنوات الطويلة للعمل في دهليز «تعال باجر ووقع المعاملة وليحضر صاحب العلاقة بنفسه وأحضر الوكالة مصدقة... إلخ إلخ»؟!
خريجو وخريجات المعاهد التطبيقية هل يكفون حاجة البلد للكثير من الاختصاصات الفنية؟... الزميلة د. بهيجة بهبهاني كتبت في «القبس» قبل ثلاثة أعوام- ولا أعتقد أن الأمور تغيرت منذ ذلك التاريخ في بلد «الله لا يغير علينا»- أن وزارة الصحة تشكو نقص الممرضين والممرضات الكويتيين والكويتيات فعددهم لا يتجاوز 1360 من إجمالي 22 ألفاً من الوافدين، أغلبية الخريجين يفضلون العمل في وظائف أخرى، لا علاقة لها بتخصص التمريض كأسمى مهنة إنسانية.
لا جديد، للمعلومات العامة، أن سياسة الإحلال الوظيفي للكويتي في المرفق العام فاشلة من ألفها إلى يائها، ومن غير زعل تردت نوعية الأداء في عدد من المؤسسات الحكومية بعد تجربة التكويت المستعجلة لغياب الخبرة والقدرة النفسية على العمل الجاد، أيضاً فإن ما تخرجه المعاهد التطبيقية لا يكفي حاجة السوق، ولا أعتقد، من ناحية أخرى، أن كفاءة هذه المعاهد أفضل من «كفاءة» جامعة الكويت أو بقالات الكثير من الجامعات الخاصة.
ماذا لو خُصص بعض هذه الأموال، لا كلها، التي يطالب بها النواب كرفع الرواتب وإسقاط القروض، لخلق معاهد فنية ودورات تدريبية يساهم فيها القطاع الخاص بنسبة معينة كضريبة من أرباحه؟ مثلُ تلك المعاهد والمؤسسات الخاصة أو المشتركة، يجب أن تُترك فيها الإدارة والتعليم المهني لفرق من كوريا الجنوبية والصين والهند وهي الدول التي رفعت رأسها عالياً في دنيا الإنتاج والاستثمار بكفاءة الانسان، ولتغلقوا معظم الكليات النظرية أو اطلبوا معدلات مرتفعة للقبول فيها! أما الكلام والثرثرة عن تعديل التركيبة السكانية وسياسة إحلال المواطنين للعمل بالقطاع الخاص، وكأن لدينا قطاعاً خاصاً حقيقياً منتجاً لا مجرد وكالات تجارية وعمولات، فلا معنى لهما ما لم يتم العمل لتدارك الكثير مما فات في بلد لا تعرف سياسات خططه العامة غير التأجيل والتسويف... تلاحقوا على الديرة واستثمروا في الإنسان.
المصدر: الجريدة
تعليقات