داهم القحطاني: «منزلٌ» في خطر
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني مايو 22, 2022, 10:09 م 514 مشاهدات 0
حين يكون لديك منزل اشتراه والدك أو جدك عام 1962 فحتماً لن تستطيع أن تعيش فيه مرتاحاً ما لم يخضع لعمليات صيانة جذرية ودورية، فإن لم تفعل فستصبح المعيشة فيه قاسية، وإن كان لديك أغلى وأفخم الملابس والأثاث والساعات والأجهزة الإلكترونية الحديثة.
عمليات الصيانة هذه قد تتم بصورة مجدولة ومنظمة، بحيث تتم بأساليب ومواعيد تستبق أي خلل في المنزل ومرفقاته، وتنفذ من دون التضييق على من يسكن هذا المنزل ما أمكن ذلك.
وأيضاً عمليات الصيانة نفسها قد تتم بصورة غير منظمة، وبأساليب ومواعيد عشوائية، وفي تواقيت طويلة، وهنا سيعاني سكان هذا المنزل كثيراً من المرارة.
وربما لا تتم عمليات صيانة لأجزاء في المنزل فتخرج عن الخدمة، فيقوم رب الأسرة بإعادة توزيع أفراد الأسرة على الغرف، بحيث يفقد بعضهم جزءاً من مساحته الخاصة، هذا إذا كان محظوظاً ولم يتم تقسيم غرفته إلى غرفتين صغيرتين أو أكثر.
كما أن هذا المنزل سيحتاج حتماً، وفي فترات زمنية معينة، إلى تغييرات في أنابيب المياه وأسلاك الكهرباء، وأنابيب المجاري، فإن لم يتم ذلك ستكون معاناة سكان هذا المنزل مضاعفة، وستكون رائحة هذا المنزل فاسدة في أغلب الأوقات.
هنا لن يفيد من يسكن هذا المنزل أرصدتهم المصرفية المرتفعة، ولا الصور القديمة المعلقة على الجدران، حين كان هذا المنزل الأحدث والأجمل والأفخم في «الفريج»، فبالرغم من كل ذلك سيعيشون كما لو كانوا بلا أرصدة، وكما لو كانوا بلا ماضٍ مدهش.
مثل هذا المنزل، الذي مضى على بنائه نحو 60 عاماً، يحتاج على الفور إلى عملية إعادة بناء شاملة تتم بعد تخطيط هندسي حديث يقوم على تطوير أساسات المنزل القديمة وتحديثها.
ويأخذ في عين الاعتبار أن هذه الأسرة الصغيرة تغيرت بصورة جذرية من حيث العدد، والنوعية، والمطالب، والأولويات.
وينتبه إلى أن هذا «الفريج» الصغير الهادئ لم يعد كذلك، فالمباني الشاهقة أخذت تحاصره، وسكان مبان شاهقة أخرى لم تعد صالحة للسكن أخذوا في التواجد في هذا الفريج بحثاً عن الرزق.
كما أن هذه الأسرة الجديدة نفسها تغيّرت طريقة معيشتها كثيراً، فلم يعد بإمكان المجتمع إسناد المسؤوليات في المنزل لأبناء الزوجة الأولى، حتى وإن لم يكن بعضهم أهلاً للمسؤولية.
ولم يعد بإمكانه السكوت عن سيطرة بعض الإخوة من زوجات أخريات على بعض غرف المنزل من دون وجه حق، وقيامهم بتأجيرها لآخرين بذريعة أنهم تواجدوا في البيت قبل غيرهم.
كما لم يعد بإمكانه أيضاً معالجة بعض المطالبات المحقة التي تتم من أبناء أصغر سناً بـ«الزف» والزجر، وبـ«اللسب» بـ«الخيازرين»، أو بمنعهم من الخروج من غرفهم، أو بمنعهم من العودة للمنزل عقاباً لهم على «حنتهم».
على من يقرأ هذه المقالة الانتباه إلى أن المقالة لم تتحدث بحرف عن عالم البناء والهندسة، وعنوانها لم يقصد أن يتشابه مع الرئيس الأميركي جون كنيدي حين جعل عنوان التقرير الأهم عن التعليم المتردي في أميركا آنذاك «أمة في خطر».
تعليقات