احمد بشاره :النواب ميليشيات شبه عسكرية على رئيس الحكومة الحذر منهم

زاوية الكتاب

كتب 481 مشاهدات 0


إنها حرب يا سمو الرئيس الميليشيات شبه العسكرية تتسم بالتشكيلات والخطط السرية. وتتعاطى المراوغة والخداع، ولا تتوانى عن التزوير وتشويه الحقائق في حروبها. وتستغل وسائل الاعلام المختلفة بحنكة فائقة للترويج وكسب الأنصار ومحاربة الخصوم. وشعاراتها شعوبية وطوباوية لكسب التأييد. وتستغل مشاعر الدهماء البسيطة في مواجهة الحكومات التي تقيدها مسؤولياتها القانونية والدولية وامكاناتها المالية. وتعد البساط بالجنة على الارض وهي تدري انها لا تملك ايا من مفاتيحها. لكن هدفها لا يخطئه بصير: الاستيلاء على السلطة وتشكيل الدولة الجديدة وفق منظور الميليشيات العقائدي والسياسي. هذه الميليشيات تشن حملاتها في الزمان والمكان المؤذيين لخصومها لاحتلال المواقع والاستيلاء عليها وتحصين ما اكتسبته لتحقيق المزيد منه. وتسعى إلى كسب الغنائم لبناء المزيد من مواقع النفوذ. ولا تتردد في استخدام جميع اشكال العنف وادواته. فاغتيال الخصوم حلال وهو عمل سياسي بقدر ما هو عسكري، وكذلك ايقاع اكبر الاذى بمن يفلت منهم. أما أخذ الرهائن والتفاوض على مصيرهم فهو أسلوب شائع ومحبب لتحقيق اكبر المكاسب السياسية والمادية ولإيقاع اكبر الاذى المعنوي على الخصوم. لكن الغرض الاساس من ذلك كله هو ارهاب الاغلبية الصامتة من المدنيين وتحييدهم، ودفع القيادات المدنية الى الصمت والشك والخوف والهروب من المسؤولية. وهذا بداية تفكك سلطة الدولة. وقد تكون الميليشيات شبه العسكرية متنوعة الانساب والتوجهات، لكن ذلك لا يمنع من ان تتحالف فيما بينها لتحقيق اغراضها. ومن لا تقوى على استمالته تقوم على تحييده بشتى الوسائل لدرء مخاطره: بالاستمالة أو التهديد أو الوعيد أو الترغيب. فتنفرد بخصومها دون أن يدروا بمقاصدها. أو هم يدرون لكن باب السلامة والمصالح أكثر راحة من باب الصراحة والمواجهة. ولا ترفض الميليشيات شبه العسكرية التفاوض وإن بخبث ودهاء. بقصد تثبيت الانتصارات التكتيكية الى مكاسب استراتيجية. أو لكسب الوقت أو الراحة المؤقتة من عناء الميدان. لكنها سرعان ما تعاود الكرة لنهش الخصوم عندما يسترخي السذج من هؤلاء لالتقاط الانفاس. استذكرت هذه المفردات الكريهة على النفس - والمتصلة بالميليشيات شبه العسكرية - وأنا أراقب الساحة السياسية في الكويت ومواقف عدد من النواب المفوهين تجاه الحكومة وتحركاتهم ومناوراتهم وأدوات هجومهم، وخاصة المحسوبين منهم على التيارات الاسلامية. ولا يخطئ المراقب اوجه الشبه الكبير بين الحالين سواء كان ذلك من حيث التكتيكات او الوسائل او الاهداف المعلنة والخفية. بل ربما التطابق التام في الكثير من الاحيان. فهؤلاء النواب في اعمالهم كالميليشيات التي نسمع عن اخبارها ونقرأ عن وسائلها في حروبها ضد الحكومات المختلفة وخصومها الحقيقيين والوهميين. فلهم قادة ميدان معروفون، يبرزون على الساحة بينما تسير من ورائهم كتائب الرماحة والقناصة والمفخخين وجوقة المؤيدين والانصار. لا يهم ان كانت الوسائل سلمية او التحجج بحسن النوايا والشهامة: فالطريق الى النار مفروش بمثل هذه الادعاءات. والصراعات على السلطة عبر التاريخ هدفها واحد لا غير: استلابها بعد انهاك القائمين عليها وتقويضهم بشتى الوسائل. وهذه الصراعات تأخذ اشكالا مختلفة ومتنوعة وفق الظروف. منها تهديد السلطات المتواصل بغرض الاستنزاف والهائها في اطفاء الحرائق، ومناوشة الخصوم وتخريب خططهم والبطش فيهم، وتشجيع العصيان. قد يقول قائل ان ما يقوم به هؤلاء النواب عمل سياسي خالص، وهو جزء اصيل من النظام الديموقراطي. وهو ما يردده سمو الرئيس والعديد من القيادات السياسية بإحساس وطني صادق. مجرى الاحداث يتناقض مع هذا التشخيص. فسلطات الحكومة الدستورية تتلاشى امام طغيان النواب. ومعها ذهبت هيبة القانون. وهي تفقد المواقع وزمام المبادرة مع اطلالة كل يوم. ومؤيدوها يتوارون تحت وطأة الاحباط. ومكانة البلاد وفق المؤشرات كافة في تراجع رغم قدراتها الكبيرة. انها حرب يا سمو الرئيس بكل ما تحمله الكلمة من معان. وقديما قال الزعيم الصيني ماو تسي تونغ (وهو الخبيث في السلم والحرب): 'السياسة حرب بلا دماء'! والطرفان في هذه الحرب يا سمو الرئيس غير متكافئين كما نشهد. فجانبكم فيها ضعيف رغم ما يملكه من عناصر القوة. ولا يسعفه طيب النوايا. وجانبهم قوي رغم الباطل الذي يستندون اليه والتضليل الذي يمارسونه. والحرب يا سمو الرئيس لا تكسب بنبل المقاصد وطيب النفس، وانما بالحزم والعزم وصلب الارادة ووضوح الهدف. اعانكم الله وسدد خطاكم. د.أحمد بشارة
القبس

تعليقات

اكتب تعليقك