خالد الطراح: الكويتيون «البدون»!

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 729 مشاهدات 0


شاع في الإعلام الكويتي والأجنبي بكثافة أكبر على نحو غير سليم موضوعاً ومنطقاً وقانوناً، مسمى «الكويتيون البدون» لمن يقيم في الكويت بصورة غير قانونية لعدم توافر الأوراق الثبوتية لتلك الفئة وفقاً للقوانين ذات الصلة.

المسمى أو الصفة المطلقة على المقيمين بصورة غير قانونية بأنهم «كويتيون بدون»، يحمل تناقضاً عميقاً في التعريف والتوصيف، فمن لم يتم ثبوت أوراقه للجهات الرسمية بالدولة بأنه مستحق للجنسية الكويتية يظل غير كويتي، ولا يجوز اتساع تسميته إلى أنه كويتي بدون!

يطل من حين إلى آخر ومن دون نهاية جدل عقيم وسقيم لملف «البدون» في الكويت، من أطراف مطالبة بإغلاق هذا الملف المعقد حكومياً، وأخرى متحفزة للخلط بين حقوق غير قانونية وحقوق واجبة في العيش الكريم.

ليس هناك كويتي «بدون»، وليس هناك «بدون» كويتياً.. فلكل إنسان أصول وهوية بحسب أوراق ثبوتية رسمية، كما هو معمول به عالمياً، وأي تناول لملف «البدون» ينبغي أن يكون وفقاً للقانون، وبعيداً عن تكسب جماعات وتكتلات حزبية وأغراض انتخابية وشخصية.

بلا شك أن الدولة تدفع ثمن ذلك التأخير وتراكم الكسل في معالجة جذرية لملف «البدون» منذ السبعينيات والثمانينيات حتى اليوم، وهي وحدها تتحمل كافة التعقيدات التي رافقت هذا الملف المتورم سياسياً، من دون حل حاسم، بل تتحمل الدولة المسؤولية السياسية والقانونية.

تحول منذ زمن ملف «البدون» إلى اهتمام الإعلام الأجنبي بانتقائية شديدة، وأيضاً من بعض الدول والمنظمات، وذلك بسبب تقاعس حكومي ممتد منذ عقود في التعامل مع ملف «البدون» بديناميكية إعلامية وشفافية.

ومن المهم بمكان أن تتصدى الكويت للمزاعم والتشويه المتعمد في تصوير الدولة بيئة حاضنة للظلم والعنصرية عبر تبيان الجهود الرسمية في حل قضية «البدون» وفقاً للقانون، وبموجب أوراق ثبوتية، كما هو معمول به في دول العالم، من دون تسويف ولا تهاون. 

قدم الجهاز المركزي لمعالجة المقيمين بصورة غير قانونية، بعد إنشائه في عام 2010 بسنوات، خريطة طريق لقضية «البدون»، ولكن لم نعرف حتى اليوم طبيعة تلك القرارات والعراقيل إن وجدت، وهو ما نتمنى الإفصاح عنه ضمن حملة إعلامية هادفة. 

نتمنى العدالة الاجتماعية والقانونية لفئات وشرائح المجتمع، بمن في ذلك المقيمون من جنسيات مختلفة، ولكن دون عبث أهواء رسمية وانتقائية فردية لملفات غير قانونية، وبسهولة وببساطة يمكن للجهاز المركزي لمعالجة المقيمين بصورة غير قانونية، والحكومة ككل، أن يمنح المعنيين بالأمر مهلة قانونية محددة وكافية لتقديم الأوراق الثبوتية ومساعدتهم على ذلك أيضاً على كافة المستويات محلياً وخارجياً.

وضروري التصدي لاستغلال البعض من فئة «البدون» استغلالاً بشعاً منابر إعلامية ومظلات ثقافية وصحافية في بث سموم العنصرية وتوزيع المزاعم بالمظلومية، من دون تقديم ما يثبت الهوية الأصلية وفقاً لأوراق ثبوتية لا تحتمل اللبس ولا التجاوز القانوني.

فمن غير المعقول أن تكون هناك أُسر مقسومة بين هويتين لبلدين أو أكثر، بينما أفراد منهم في الكويت ومن الأسرة نفسها يدعون أنهم كويتيون لأسباب واهية وغير صحيحة من نواحي النسب والأصل والقانون!

أما عن التجنيس العشوائي أو ما يعرف بالأعمال الجليلة، فيجب أن يتم وفقاً لعدالة اجتماعية وقانونية، وليس وفقاً لأهواء شخصية وانتقائية من شأنها أن تعبث بطبيعة الهوية الوطنية والتركيبة السكانية وتثير النعرات المقيتة بين مكونات المجتمع الكويتي.

تعليقات

اكتب تعليقك