مشاري ملفي المطرقّة: العودة إلى المربع الأول

زاوية الكتاب

كتب مشاري المطرقة 511 مشاهدات 0


تعيش الكويت منذ سنوات في أزمات سياسية متكررة نتيجة تصاعد نبرة المواجهة بين البرلمان والحكومة بشكل أضر بالعمل السياسي وقدم صورة سلبية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية على السواء للمواطن الكويتي الذي أصبح يعيش على وقع مشاكل وأزمات لا تنتهي بين الجانبين، فما حدث أضر بشدة بالمواطنين الذين يدفعون الثمن، ويتم تعطيل وتأجيل مصالحهم في ظل حكومات تصريف الأعمال التي تتولى السلطة التنفيذية في الفترة الأخيرة أكثر من الحكومات المستقرة والمستمرة، وكذلك التنمية التي أصبحت معطلة أو تسير بسرعة السلحفاة بسبب التغيير الدائم في الوزراء الذي يفشل كل تخطيط وعمل وإنجاز.

ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها القيادة السياسية في الفترة الأخيرة لرأب الصدع بين السلطتين وتقريب وجهات النظر بينهما وحل القضايا العالقة والاستجابة لمطالب المعارضة فيما يخص قضية العفو عن المحكومين سياسياً، ولمّ الشمل والتخلص من الاحتقان فإن الاستقرار والتعاون بين السلطتين الذي كان مأمولاً لم يتحقق، وتصاعدت الخلافات بين الحكومة ومجلس الأمة، وتم استجواب ثلاثة وزراء والتصويت على حجب الثقة عنهم، وبعدها تقدم وزيرا الداخلية والدفاع باستقالتهما احتجاجاً على ما وصفاه بالتعسف في استخدام الأدوات الدستورية، والإخفاق التاريخي من قبل الحكومة والمجلس.

واستمر الاحتقان السياسي بين الحكومة ومجلس الأمة إلى أن وصل إلى استجواب سمو الشيخ صباح الخالد وتقديم الاستقالة الرابعة لحكومته خلال عامين ونصف العام نتيجة لجمع الأصوات الكافية لإقرار طلب عدم التعاون مع الحكومة وسط انقسام في الآراء بين من يرى أن ما يحدث يعد تعسفاً من نواب مجلس الأمة في استخدام الأدوات الدستورية، وأنهم يبحثون عن مكاسب شخصية وجماعية ضيقة، ومن يرى أن الاستجوابات حق دستوري للنواب، وأن حكومات الخالد المتعاقبة لم تحقق إنجازات تذكر والإبقاء عليه كرئيس للوزراء يعتبر بمنزلة وضع العقدة في المنشار، كما يقولون، وسيؤدي إلى استمرار التأزيم.

وإذا كان الكويتيون يفتخرون دائماً بالتجربة الديموقراطية التي يتمتعون بها فإن الممارسات الناتجة عن هذه الديموقراطية في السنوات الأخيرة تمثل مصدر قلق للكثيرين، وتصيب الاستقرار في مقتل، وتؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي وعلى تماسك النسيج الاجتماعي واستقرار تطبيق القانون، وبالتالي فإن الوضع يحتاج إلى إعادة نظر والبحث عن حلول جديدة تنهي التأزيم بين السلطتين لإنقاذ الحياة السياسية الكويتية مما وصلت إليه، فالحلول القديمة لم تعد تنفع في علاج المشهد الحالي المتحول، والمخرج يبدأ من معالجة أصل المشكلة مع التمسك بفكرة الديموقراطية، ولكن مع إصلاح آلياتها وعلاج عوار قانون الانتخاب القائم لأن مثالبه أصبحت واضحة بعد تجربته، حيث تسبب نظام الصوت الواحد في تفشي التمييز والفئوية، ولم يكن في مصلحة البلد، وأصبحت الحاجة ملحة لنظام انتخابي جديد يضمن العدالة وتكافؤ الفرص ويمهد للإصلاح الشامل مع ضرورة أن يكون هناك تجريم حقيقي للمال السياسي وشراء الأصوات وتنظيم المنابر السياسية بعيداً عن الطائفية والقبلية والعائلية، ومن جهة أخرى اختيار حكومة جديدة بناء على قاعدة الكفاءة والاقتدار لا المحاصصة والترضيات، وأن يكون لدى هذه الحكومة برنامج حقيقي وواقعي وخريطة طريق ومدى زمني لتطبيقها... والله ثم الوطن من وراء القصد والسبيل.

تعليقات

اكتب تعليقك