د.موضي الحمود: سلاح «الحكمة».. وسلاح «الجهل»

زاوية الكتاب

كتب د. موضي الحمود 414 مشاهدات 0


أثارت الندوة التي عقدها الملتقى الكويتي بعنوان «عبدالعزيز حسين رجل فكرٍ ودولة» يومي الثلاثاء والأربعاء من هذا الأسبوع شجوناً كثيرة، حيث طاف بنا الباحثون عبر محطات تاريخية ثرية شكّلت علامات فارقة في مسيرة الكويت منذ الخمسينيات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا.. سيرة عطرة لرجل شغلته وصَحبه من رجال الكويت قضايا الوطن، وعلى رأسها محاربة الجهل والتخلف وتحديث العلم والثقافة، فانشغلوا في بناء المؤسسات الراسخة في مجال العلم والاقتصاد والسياسة.. واستطاعوا بجهد وبدعم من قادة الدولة المتعاقبين رفع مشاعل النور وزرع بذور التحديث وتحقيق الاستقلال للوطن من التبعية الأجنبية، ثم التصدي للمطالبات الآثمة من الجيرة الجائرة في الستينيات والتسعينيات.. منذ ذلك الوقت ازدهرت الكويت وعُرفت بانفتاحها وتميّزت بثقافتها وتفردت بدستورها وديموقراطيتها.

تجبرنا أحداث التاريخ أن نقف لنقارن بين من نذروا أنفسهم لخدمة الوطن وبعض المحدثين اليوم، ممن نذروا مصالح الوطن لخدمة ذواتهم.. فنجد عدداً ممن بيدهم إدارة دفة الدولة في جميع المواقع، وعلى الأخص البعض من أعضاء السلطتين، وزراء ونواباً، هم أحرص على مصالحهم من مصلحة الوطن.. حتى صدق فيهم قول شاعر الكويت (الكفيف المبصر) صقر الشبيب على لسان «عنزته الحكيمة» وهي تحاكم بني البشر.. قائلةً:

هـل نرتجي أن تبصروا خلف حبكم ذواتكم شمساً من العدل أو شُهباً

ومــن يمتلكـــه مثلكــم حب ذاتــه يغادر جمال العـدل عن عيـنه غَيباً

لقد غيبت المصلحة الذاتية للكثيرين النظر بعين العدل للوطن واستحقاقاته، وهذا هو المؤلم.. رحم الله رجالاً ونساءً سكن الوطن نفوسهم فأخلصوا، وإن اختلفوا فإنهم يتخذون «الحوار» سلاحاً للحكمة بدلاً من «الجدل» وهو سلاح «الجهل» الذي ابتلينا به حين تقلّده بعض ممن اعتلى منابرنا ومجالسنا في هذا الزمن.. فلا نحن حققنا الإصلاح الذي ننشد، ولا نحن طورنا بلدنا الذي هو مستقبلنا ومستقبل أجيالنا.

إلى جنة الخلد يا أبا محمد

نستذكر بالخير والاعتزاز سيرة رجال الكويت المخلصين ممن غيّبهم الموت في هذا الوقت، الذي نحن في أمس الحاجة فيه إلى حكمتهم ورجاحة عقلهم وإخلاص نصحهم.. شاء الله ولا راد لمشيئته أن يصل خبر وفاة المرحوم بإذن الله السيد عبدالله النيباري في الساعة ذاتها التي عُقدت لتأبين رفيق دربه المرحوم أحمد الخطيب.. رحم الله رجالاً شغلهم حب الوطن فانشغلوا في تدبر أموره وبناء لبنات تطوره في وقت الرخاء وفي الدفاع عن قضاياه وقت الشدة.. وطنيون حتى النخاع.. إنسانيون حتى آخر لحظة في حياتهم.. عملوا معاً وغادرونا إلى دار الحق تباعاً.. غفر الله لهم وأسكنهم فسيح جناته.

عزاؤنا لعائلة السيد عبدالله النيباري ولرفيقة دربه السيدة فريال الفريح وكريماته الفضليات ولأهله في الكويت كافة.

تعليقات

اكتب تعليقك