د.موضي الحمود: إدارتهم بالعَقْل.. وإدارتنا بالعُقُل..

زاوية الكتاب

كتب د. موضي الحمود 331 مشاهدات 0


الإدارة بوجه عام وإدارة الدول من قبل حكوماتها بوجه خاص هي علم وفن، ولها أساليب احترافية تتمثل في مهارات التواصل والاتصال مع المجتمع بجميع فئاته ومع المجالس ومن لهم أو معهم مصالح للدولة في الداخل أو الخارج، تدعمها خبرة وحنكة في اتخاذ القرارات المصيرية لتحقيق مصالح الشعوب وتصريف أمور حياتها.. وعلى رأس هذه الأساليب تأتي الادارة الاستراتيجية التي تُعنى بإِعمال العَقل لاستشراف مستقبل الوطن وتحقيق متطلبات نمائه وتطوره وحماية حقوق أجياله. 

هذا ما تعلمناه وما نعلمه لطلبتنا وشبابنا في الجامعات نحفظه وهم يحفظونه جيداً، ولكن ما إن يقابلنا ويقابلهم الواقع بأحداثه الصادمة حتى تنقلب الآية وتضيع المفاهيم وتتعطل المبادئ العلمية، فلا نرى إلا أساليب إدارة كويتية أداتها الأساسية (العُقُل) بأنواعها فلا برامج ولا تخطيط ولا رؤية عند السلطتين التشريعية والتنفيذية.

فالمرشح يرمي «عقاله» مشفوعاً بكلمة «تكفون» للفوز بالمقعد النيابي الوثير والحكومـــة تدير شؤونـــها الآنية -وبالطبع لا تفكير في المستقبل- برمي «عقال الاسترضاء» للنواب و«عقال» الحكومة أو «عُقُلها» قد يكون على شكل واسطة أو خدمات أو حزمة تعيينات لناخبيهم أو حتى ملايين تُصرف لعبور الاستجوابات!

وبين «عُقُل النواب» و«عُقُل الحكومة» ضاعت الرؤية وتخلف البلد وتراكمت الأزمات، فالمرور والازدحام في الشوارع أزمة مستحكمة، وانعدام الأمن وتفاقم الجرائم التي لم نشهد لها مثيلا في حصد الأرواح البريئة أزمة مروعة، وتزايد مروجي المخدرات وتضاعف أعداد المتعاطين أزمة تهدد الشباب، وتراجع مستوى التعليم وعدم الجدية في التعامل مع حملة الشهادات الوهمية أزمة مازالت تؤرق المخلصين، وازدحام بعض المناطق التي سكنتها «مافيات» العمالة الوافدة من جنسيات مختلفة أزمة تهدد الأمن والاستقرار، وارتفاع أسعار العقار ومواد البناء أزمة ضاعفتها ظروف الصراع العالمي، وحتى انعدام النظافة وتراكم النفايات في بعض المناطق والشوارع أصبحت تشكل أزمة، ولا ننسى نفاذ من تعدى على المال العام من الحساب مع استحواذهم على الملايين من دون وجه حق حتى أصبحت هذه أم الأزمات لما سببته من إحباط وتذمر بين فئات الشعب.

ما زالت أزماتنا تتفاقم وما زلنا نبحث نحن عباد الله المواطنين عن نائب مخلص لوطنه، ووزير يرعى الله في أداء أمانته دون أن يَبّر أبناءه وإخوانه وتابعيه بحيازات زراعية أو مكاسب شخصية لا تحل له ولهم.. وما زال الجميع يرجو ويسأل العلي القدير أن يهيئ لنا إدارة حكومية حازمة تعيد للقرار الحكومي هيبته وتحدد للبلد وجهته المطلوبة نحو التنمية للحاق بمن سبقونا بوثبات تنموية هائلة، بينما ما زال بلدنا يزحف زحف السلحفاة، وقد يتراجع بعض أفراد حكومتنا داخل صدفة السلحفاة كلما هبت عاصفة نيابية.. وضعٌ لا ندري متى الخلاص منه ونأمل تغييره لعل الوطن يعوّض ما فاته ويلحق بركب إخوانه وأشقائه.

العُقُل أو العقال: هو قطعة من الزي العربي يرتديها الرجال فوق الشماغ او الغتر

المصدر: القبس

تعليقات

اكتب تعليقك