داهم القحطاني: أحمد الخطيب.. رحيل زعيم تاريخي

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 318 مشاهدات 0


فقدت الكويت أحد أهم رجالاتها التاريخيين الأب المؤسس نائب رئيس المجلس التأسيسي الدكتور أحمد الخطيب، ليسدل الستار على حياة رجل عاش وعاشت معه الكويت مرحلة النهضة الحديثة.

وُلد الخطيب عام 1927 وكانت الكويت حينها بلدة صغيرة لا تمتلك من مظاهر المدنية الحديثة الشيء الكثير، وكانت تستورد الماء ولا تملكه، وتوفي بعد 95 عاماً والكويت واحدة من أجمل وأحدث دول الخليج العربي.

وكانت له أدوار مهمة في مرحلة النهضة، حيث كان أول طبيب كويتي، كما تولى منصب نائب رئيس المجلس التأسيسي، وساهم بنقاشاته وأسئلته في جلسات صياغة الدستور الكويتي في ترسيخ الحقوق الدستورية للشعب الكويتي، وفي تضمين الدستور كثيراً من المواد التي جعلته من أكثر الدساتير تحضراً.

هو أحمد محمد الخطيب من مواليد منطقة الدهلة قرب سوق واجف بمدينة الكويت.

درس في مدرسة العنجري وهي مدرسة على نظام الكتاتيب حيث تعلم القرآن ومبادئ الحساب والقراءة قبل أن ينتقل إلى مدرسة الأحمدية ثم القبلية ثم لاحقاً المدرسة المباركية التي انطلق منها عام 1942 ليتعلم الطب البشري في الجامعة الأميركية في بيروت.

ثماني سنوات استغرقتها دراسة الطب في بيروت قبل أن يتخرج ويعود ليعمل في تخصص الطب والجراحة طبيباً بالمستشفى الأميري لعام ونصف العام، ثم ينتقل إلى لندن لدراسة تخصص طب المناطق الحارة، فالعودة للعمل مرة أخرى في المستشفى الأميري قبل الاستقالة وبدء عمله في عيادته الخاصة عام 1957.

خلال وجوده في بيروت اشتغل في العمل السياسي والجماهيري، فكان من القادة، حيث أنشأ مع جورج حبش، ووديع حداد، حركة القوميين العرب أحد أهم التيارات السياسية التي شكلت المزاج القومي الشعبي العربي لسنوات طويلة.

شارك في التحركات الشعبية الرافضة لعدوان رئيس الوزراء العراقي عبدالكريم قاسم على الكويت عام 1961، وسافر لمقابلة الزعيم المصري جمال عبدالناصر ودفعه للوقوف إلى جانب الكويت.

في انتخابات المجلس التأسيسي، فاز عن الدائرة الثالثة التي ضمت مناطق من مدينة الكويت، ومدينة الجهراء، بعد أن حصل على 360 صوتاً في المركز الأول.

وتولى في المجلس التأسيسي منصب نائب الرئيس، وهي مكانة لم يكن ليحصل عليها لولا التقدير الذي كان الخطيب يتمتع به لدى الشعب الكويتي.

في مجلس الأمة الأول استطاع الخطيب أن يحصل على العضوية بعد حصوله على المركز الأول في الدائرة الثامنة، لكنه اضطر إلى الاستقالة من البرلمان في ديسمبر 1965 احتجاجاً على تشريع قوانين تحد من الحريات العامة.

وفي مجلس الأمة 1967 الذي عُرف بالمجلس المزور خسر الخطيب الانتخابات، لكنه عاد ليفوز بالمقعد النيابي مرتين متتاليتين في انتخابات مجلس 1971 ومجلس 1975.

وبسبب تغيير النظام الانتخابي عام 1981 خسر الخطيب الانتخابات البرلمانية، لكنه عاد ليفوز بها في مجلس 1985، وهو واحد من أهم وأقوى مجالس الأمة المتعاقبة.

وبعد تحرير الكويت، فاز الخطيب بعضوية مجلس الأمة 1992 قبل أن يعلن اعتزاله العمل البرلماني في نهاية هذا المجلس، ويواصل العمل السياسي عبر ندوات ومقالات وبيانات، وفي أواخر حياته عبر حسابه الخاص بموقع تويتر.

لم تكتب الأقدار أن أنجح في إجراء لقاء تلفزيوني مطول عام 2012 رغم موافقته على الفكرة، لكن رغبته كانت أن يجرى اللقاء في قناة تلفزيونية مستقلة، وحين سألته ما هي القناة التي لا تمانع في الظهور فيها، قال إن الفرنسيين لديهم الاستقلالية كما في قناة فرنسا 24.

لكنه ذكر رحمه الله أن تسجيل ذكرياته تلفزيونياً أمر يمكن القيام به مع «الربع»، ولعله يقصد مجموعة جريدة الطليعة التي كانت ترتب طوال سنواته الأخيرة اجتماعاته وندواته في مبنى الجريدة حيث التقيته. 

رحم الله الأب المؤسس دكتور أحمد الخطيب، وأسكنه فسيح جناته.

تعليقات

اكتب تعليقك