داهم القحطاني: القبس.. خمسون عاماً من الصحافة الحرة (1 - 2)

تمر اليوم الذكرى الخمسون لإصدار جريدة القبس إحدى أهم الصحف العربية وأعرقها على مدى نصف القرن الماضي.

منذ انطلاقتها في 22 فبراير 1972 شكَّلت فارقاً واضحاً في مسيرة الصحافة العربية، إذ جمعت المحتوى الرفيع في مجالات الصحافة كلها، والسبق الصحافي العربي والدولي، والمتابعة الخبرية للأحداث الأكثر أهمية من دون أن يكون هناك سقف خوفٍ يحد، أو ضوابط ضاغطة تمنع.

صدرت الصحيفة والعالم بأسره يغلي، فالصراع العربي ـــ الصهيوني يقترب من المواجهة المرعبة بعد سنوات استنزاف مهلكة، والحرب الأميركية في فيتنام تزداد اشتعالاً، والصراعات في المنطقة لا تتكاد تتوقف في ظل موجة استقلال لبعض الدول الخليجية، ومصر السادات تنزع ثوبها الناصري وتشهد حرب «القطط السمان» التي انتقلت للصحف العربية، ومن ضمنها الصحيفة عبر تسريبات لأخبار وتقارير، والأوضاع السياسية الداخلية لا تزال تشهد تطاحناً لا يتوقف بين الحكومة والمعارضة من جهة، وبين القوى السياسية وبعضها بين بعض.

جاءت في هذه الأجواء المشحونة والمتوترة لتقبل التحدي، وتكون ليس فقط مواكبة لهذه الأحداث، بل إحدى أهم الصحف العربية التي كانت محوراً لأخبار وتقارير ولقاءات حصرية مع زعماء غيرت في أحيانٍ عدة في مسار هذه الأحداث، ما جعلها محطة يحرص معظم الزعماء العرب والعالم على التحدث من خلالها.

ولهذا نجد لقاءات تاريخية عدة أجرتها مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، رغم ما عرف عنه من تحفظ شديد جدًّا في إجراء اللقاءات الصحافية، كما نجد لقاءات مع رؤساء كان لهم دور مؤثر في تغيير مجرى التاريخ، حيث فضلوها على غيرها، ومنهم الرئيس الأميركي رونالد ريغن، والرئيس بيل كلينتون، ورئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، والرئيس النمساوي كورت فالدهايم وهو من تولى أيضاً منصب الأمين العام للأمم المتحدة، والملك الأردني الحسين بن طلال، والزعيم الليبي معمر القذافي، والرئيس الروماني نيكولاي شاوشيسكو، ورئيس العراق السابق صدام حسين والقائمة تطول.

تأثير في تلك الحقبة الأهم في تاريخ العالم جعلها تصدر القبس الدولي، وهو إصدار يتشابه ويختلف مع الصحيفة الرئيسية في مواد عدة، ويطبع في عواصم عالمية وعربية مهمة؛ لتصل  لقرائها أينما كانوا في زمن لم تكن شبكة الانترنت قد اخترعت بعد.

وواكبت في حقبة الثمانينيات أهم حدثين في تلك الحقبة وهما الحرب العراقية ـــ الإيرانية وتأثيراتها الأمنية والاقتصادية الخانقة، والاضطرابات الداخلية بسبب حل مجلس الأمة وتعطيل الحياة الدستورية، والتحركات الشعبية التي قامت بحركة دواوين الإثنين، وهي الحقبة التي خضعت فيها وفقاً للقانون لرقابة وزارة الإعلام.

في المقال المقبل سنتحدث عنها خلال حقبة الغزو والتحرير من الجار العراقي.