د.غانم النجار: لماذا المخالفات في توزيع القسائم؟

زاوية الكتاب

كتب غانم النجار 571 مشاهدات 0


قد يبدو حكم "التمييز" الأخير بإلغاء توزيع هيئة الزراعة 396 قسيمة حدثاً منفصلاً، إلا أن المخالفات في توزيع القسائم الحكومية أياً كان غرضها، صار يتكرر، حتى صار كأنه من ضمن العادات والتقاليد.

في مسألة توزيع القسائم الحكومية، تكثر المخالفات، وتتحول إلى شرهات، ويشارك فيها مسؤولون، ومتنفذون، ونواب.

وقلما يحدث حول تلك التجاوزات اعتراضات، وكانت الحالة الأخيرة استثناء للقاعدة، فلطالما تم توزيع قسائم زراعية وغير زراعية لغير مستحقين، دونما أخذ ولا رد. هذه المرة اختلفت، وأسباب الاختلاف معروفة، وهي ليست موضوعنا هنا.

ولعل واحدة من أهم مفاصل إدارة المجتمعات، هي في كيفية ملكية وتوزيع الأراضي. ولذلك كان من أخطر القرارات في تاريخ البلاد، هو قرار تأميم الأراضي قبل 67 عاماً، والذي تم بموجبه أيلولة حوالي 97 في المئة من البلاد لتصبح أملاك دولة، بعد أن حدث صراع محموم على الأراضي، خلال السنتين الأوليين من بدء سياسة التثمين، والحديث في الموضوع يطول، وسنكتفي بالممكن لحدود المقالة.

صدر القرار عن اللجنة التنفيذية العليا التي شكلها الشيخ عبدالله السالم، من 3 شيوخ شباب هم: جابر العلي، وصباح الأحمد، وخالد العبدالله السالم، إضافة إلى عبداللطيف النصف، وأحمد عبداللطيف، وعزت جعفر، والتي جاء تشكيلها في مرحلة احتقان سياسي داخلي.

بتعليمات من الأمير، سعت اللجنة إلى التصدي لحالة سعار محموم من الاستيلاء على الأراضي، واعتمدت ما يُعرف بـ "خط التنظيم العام"، وأن كل ما هو خارجه أراض أميرية أو أملاك دولة، أي أن المتاح للملكية الخاصة هو 3 في المئة فقط.

كررت اللجنة قرارها عام 1955، لعدم الالتزام به، فاضطر الشيخ عبدالله السالم عام 1956 لإصدار أمر أميري ونشره بالجريدة الرسمية، ليصبح ذلك التاريخ المرجعية القانونية المعتمدة.

كانت النتيجة المباشرة لذلك القرار هي ارتفاع سريع لأسعار الأراضي، واستعار الفساد في الأجهزة المعنية، ولربما تطرّق مسلسل درب الزلق إلى تلك الحقبة بأسلوب فكاهي، إلا أن الحقيقة لم تكن فكاهية على الإطلاق.

وبالتالي صارت تجارة العقار والتثمين داخل الـ 3 في المئة فقط، وتلك حالة استثنائية لا أعلم إن كان لها شبيه.

ويعود سبب تكرار المخالفات العلنية في توزيع القسائم إلى أن ملكية الحكومة كبيرة جداً، كما أنها لا تحتاج إلى رصد الميزانيات، فلا تكاليف مُعلنة لها، ولا حاجة إلى الإعلان عنها، بل تخصيص فقط، وبدلاً من التملك يُطلق عليه مصطلح جديد، هو حق الانتفاع، ولا يمنع أن يتم البيع كيفما اتّفق.

وبالتالي، ما لم يتم تحرير الأرض من الاحتكار، فسوف تستمر المخالفات إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

المصدر: الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك