خالد الطراح: انحراف المفاهيم السياسية

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 395 مشاهدات 0


هناك عدد هائل لجمعيات النفع العام اليوم، وهي تمثل توجهات مختلفة، ليست بالضرورة ذات طابع سياسي على عكس الماضي، وإنما معظمها يعكس توجهات مهنية بشكل عام واجتماعية بالدرجة الأولى.

بات واضحاً غياب دور الدولة في ترسيخ ثقافة سياسية واجتماعية تحافظ على نسيج المجتمع ومكوناته، وتتصدى في الوقت ذاته لنعرات التناحر الاجتماعي بين مكونات المجتمع الكويتي وأطيافه، لذا ليس من المستغرب أن تشيع ثقافة القبيلة والطائفة والمذهبية. ذابت النزعات الاجتماعية القبيحة والتقسيم في المجتمع على أساس قبلي وطائفي وفئوي أثناء شهور الغزو العراقي، لكنها عادت تلك النزعات المقيتة بعد سنوات قليلة بشراسة وبمباركة رسمية، بسبب غياب حكومي في المحافظة على نسيج المجتمع كما كان عليه تاريخياً.

قادت التطورات الاجتماعية المتمردة على التاريخ إلى تشرذم بين القوى السياسية والفكرية، إلى درجة الانشقاق وتأسيس حركات وتنظيمات ينافس بعضها بعضاً، وهو ما انعكس بشكل مباشر على العمل النيابي، فيما استمر الفرز القبلي والطائفي والفئوي! 

لم تعد هناك تيارات سياسية رئيسية فاعلة، كما زعم الأخ النائب الدكتور عبيد الوسمي مؤخراً (القبس)، فقرار مشاركته في الحوار الوطني جاء نتيجة قناعة شخصية، وقد أكد ذلك بقوله: «أنا معني باختياري من قبل الديوان الأميري».. لكنه لم يتوقف عند هذا الحد! فقد تبنى النائب الدكتور عبيد الوسمي وهماً آخر عن تيارات «سياسية رئيسية فاعلة».. إنه فيما أحسب رأي جانبه الصواب وجافته الحقيقة والواقع في آن واحد، فالتشرذم السياسي يئن من هذا الانشقاقات، بل ثمة نزاعات محمومة في العداء بين بعض القوى السياسية!

ولعله مهم التأكيد على أنه ليست هناك تيارات سياسية رئيسية أو فرعية، بل إن هناك تشرذماً سياسياً حاداً في الساحة الكويتية، مثلما هناك تبيان فكري عميق في التحليل والرأي لشتى التطورات الثقافية والسياسية والاجتماعية.

نعم لدينا كتل برلمانية، ولكنها لا تمثل تيارات وتنظيمات سياسية، وإنما تمثل شرائح وأطيافاً اجتماعية ومصالح اقتصادية وفردية وجماعية في بعض منها، بينما البعض الآخر ينتصر بصلابة لدستور الدولة ومصالح الشعب ولا يرضخ للمساومة وهم قلة!

باستثناء تنظيم الإخوان المسلمين الممثل في الحركة الدستورية في مجلس الأمة، ليست هناك قوى سياسية منظمة بهذا القدر، ولها نفس حجم القاعدة الجماهيرية، فجماعة الحركة أكثر تنظيماً من الآخرين لأسباب شتى، لعل أبرزها تشرذم القوى السياسية الأخرى. 

إن التراجع السياسي والثقافي المفزع دفع إلى انحراف بعض الكتل النيابية قبل السياسية داخل مجلس الأمة وخارجه في المفاهيم السياسية والبرلمانية، نتيجة رعونة البعض في التدبير والرأي والتعبير بأدوات صبيانية!

هضمنا على مضض التشرذم السياسي، وهضمنا أيضاً سوء التنظيم في توحيد الصفوف البرلمانية والشعبية، ومن المؤلم أن نشهد اليوم تراجعاً سياسياً وبرلمانياً مفزعاً، بينما تستفيد الحكومة وقوى مناهضة للديموقراطية من المشهد العام!

تعليقات

اكتب تعليقك