داهم القحطاني: رسالة لرئيس الوزراء المكلف

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 376 مشاهدات 0


الشيخ صباح الخالد، الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة… تحية طيبة وبعد.

حين تم تعيينك للمرة الأولى كتبت مقالة بعنوان «سأنتخب صباح الخالد»، والمعنى منها أنني أرى أن لديك من الصفات ما يجعلك اختياري كمرشح لعضوية مجلس الأمة ما يعني ثقتي الكبيرة فيك حينها.

اليوم تقوم بتشكيل حكومتك الرابعة خلال سنتين، ورصيدك الشعبي أقل، والفرص المتاحة أمامك تكاد تكون الأخيرة، فالكويت لم تعد صبورة، والشعب رفع سقف الانتقاد، ومن دون تشدد أو تأزيم بل بشكل عقلاني وواع، وهو ما يلغي أي فرصة للتشكيك في دوافعه، وبالتالي لا يمكن شيطنة هذه الدوافع كما كان يتم في عهود سابقة. 

الأداء العام لحكوماتك جيد في نواح، وكارثي في نواح أخرى، والسبب أنك تقبل بتعيين، ولا أقول تعين، أشخاص لا قدرة سياسية لديهم ولا موهبة، فيتحول بسبب ذلك الشارع الكويتي ضدك لأنك قبلت بهؤلاء أولا، ولأنك لم تعالج أخطاءهم بشكل سريع.

في التشكيلات السابقة لحكوماتك تمت المراهنة، ولا أقول إنك من راهن، على تركيبة تقليدية تمت تجربتها عشرات المرات وفشلت، وفي كل مرة كان رئيس الوزراء هو من يدفع الثمن أمام المجاميع السياسية، والاجتماعية، والطائفية، التي لم يكن لها نصيب في «كيكة» التوزير.

وفي مرات عدة انقلب أيضاً على رئيس الوزراء حتى المتمتعون بهذه «الكيكة» عندما تلاطمت أمواج السياسة وبدا أنها سوف تغرقه.

من يعرض نفسه كحليف لك، ممن يحاول أن يصور لك أنه الأكثر اخلاصا، ومن يدعي محبتك وقت الرخاء، بعض هؤلاء سيتركونك تواجه مصيرك ليس عندما تنتهي المعركة ضدك بل حتى عندما تبدأ، فهؤلاء يريدون جزءا من «كيكة» رئيس الوزراء المقبل، ولهذا لن يخوضوا المعارك ضده.

لا أحد يخوض المعارك من دون مبادئ راسخة، وهذا لا يتم إلا وفق حكومة يتم اختيار الوزراء فيها من السياسيين الأكفاء الذين يتم اختيارهم لأنهم مواطنون، وليس لأنهم ينتمون لعائلة ثرية، أو قبيلة كبيرة، أو تيار مذهبي.

انتماء بعض وزرائك لعائلة ثرية أو قبيلة كبيرة أو تيار مذهبي لن يحميك من الاستجواب القاسي، وربما لا يحميك حتى من طلب أغلبية نواب مجلس الأمة عدم التعاون معك، فحين يغلي الشارع السياسي ضدك فسينقلب عليك كل هؤلاء إذا بدا لهم أن الوقوف معك سيحرقهم سياسياً.

سبيلك الوحيد أن تراهن على الأغلبية الصامتة من الشعب الكويتي الذين سيكونون درعك وحصنك وذراعك إن قمت بتشكيل حكومتك من السياسيين الأكفاء المؤهلين بالخبرة السياسية، وبالقدرة المهنية، وبالنزاهة المالية.

وهؤلاء يمكن أن يكونوا من أسرة ثرية، أو قبيلة كبيرة، أو تيار مذهبي، على أن يكون اختيارهم تم لذاتهم أو لصفاتهم وليس لجيناتهم الوراثية، أو مواقعهم الاجتماعية.

حصل هذا في بعض حكوماتك أو الحكومات التي شاركت فيها حين قامت الأغلبية الصامتة بالدفاع عن الوزراء المستجوبين حين أدرك الرأي العام الكويتي ضرورة الدفاع عن أي وزير لديه طرح إصلاحي.

هناك فكرة خاطئة مفادها أن اختيار وزير من شريحة مجتمعية أو سياسية أو مذهبية ذات أعداد كبيرة سيوفر الحماية لرئيس الوزراء.

لا تصدق هذه المقولة يا شيخ صباح، فالعكس تماماً هو ما سيحدث حتى من قبل المنتمين لهذه الشرائح، فالوعي السياسي لدى أغلبية الشعب الكويتي تجاوز هذا النهج القديم، ولم يعد يهتم معظم الكويتيين بمسألة انتماء الوزراء لمكونهم الاجتماعي الأقرب.

يتبقى أن نلفت انتباهك بأن مبرر «الموضوع ليس بيده» لن يوفر أدنى حماية، فرئيس الوزراء يجب أن تكون لديه الصلاحيات كاملة، ومن يقبل المنصب عليه أن يتحمل المسؤولية كاملة.

نتحدث بمحبة وصدق، وندعو الله أن يوفقك، ويعينك، ونتعهد بالمشاركة في حمايتك سياسياً إن قررت أن تختار حكومتك من الأقوياء الأمناء.

تعليقات

اكتب تعليقك