داهم القحطاني: الانتحار السياسي

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 696 مشاهدات 0


تخيل شارعاً في الكويت لا توجد فيه إشارات ضوئية تنظم حركة المرور؟

هل تتوقع أن ينتظم السير فيه، أم أن الحوادث ستتواصل طوال الوقت، وسيتعرض للحوادث حتى أكثر السائقين احترافاً؟

هذا طبيعي، فعندما يُفتقد النظام لا تفيد الموهبة أو الخبرة أو نوع السيارة، فكل ذلك قد يؤخر حصول الحوادث، لكنه لا يمنعها.

هذا الوصف المروري ينطبق تماماً على الوضع السياسي في الكويت، فالحوادث السياسية لا يمكن أن تتوقف، وحالات ركوب موجة تخوين الآخر ستبقى هي السائدة طالما لم يكن لدينا في الكويت قانون ينظم العمل السياسي، ويمنع الانتهازيين وقناصي الفرص من التطفل على العمل السياسي. 

في السياسة الكويتية هناك من يعشق الفوضى لأنه ليست لديه قدرة على العمل المنظم. وهناك من يدمن تخوين الآخر لأنه يفتقد وجود فكرة أو هدف تكون أو يكون محوراً ينظم خطواته، ولهذا نجده يحاول إخفاء ضعفه وقصوره عبر محاولة شيطنة الآخر.

وهناك من يلجأ إلى التصعيد المستمر، واتباع سياسة حافة الهاوية، لأنه لا يثق بالأداء الحكومي، ويعتقد أن اتباع نهج التهدئة يعد انتحاراً سياسياً لأن الحكومة، حسب رأيه، ستبلع كلامها المعسول، وتتخلص مع كل من يتعاون معها حين تنتفي الحاجة المؤقتة له. 

المشكلة أن الحكومات المتعاقبة ومنذ بدء العمل بالدستور الحالي لم تدرك حقيقة أنها الخاسر الأكبر من عدم وجود قانون ينظم العمل السياسي، فمثل هذا القانون سيبين لها حجم التأثير الحقيقي لكل تيار سياسي أو شخصيات سياسية مستقلة، ويجعلها قادرة على التعامل معهم، بدلاً من اضطرارها وفي كل قضية للتعامل مع شخصيات غير مؤهلة للعمل في المجال السياسي، وفي الخدمة العامة. 

في عالم السيارات هناك أنواع من التأمين الذي يضمن إصلاح السيارات إن تعرضت لأي حادث. أما في العمل السياسي، فيعتبر غياب قانون تنظيم العمل السياسي كارثة حقيقية، لا يمكن معها أن نأمن معها على عدم دخولنا في مرحلة من الفوضى، كما يحصل ويتكرر خلال السنوات الأخيرة.

تعليقات

اكتب تعليقك