د.موضي الحمود: الوافدون.. وأزمة العمالة العالمية

زاوية الكتاب

كتب د. موضي الحمود 415 مشاهدات 0


مع تباشير الانفراج التدريجي في كثير من دول العالم التي أخذت بالتعافي من آثار الجائحة لتعود إلى الحياة الطبيعية بشكل كامل أو جزئي وفقاً لظروف كل دولة.. بدأت تتضح تبعات أخرى لهذه الأزمة على الأنشطة الاقتصادية والتجارية في الأسواق المحلية والعالمية.. ففي الوقت الذي أطاحت الجائحة بكثير من المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة في الدول التي تأخرت كثيراً في دعم هذه المشاريع، والأمثلة واضحة في الكويت.. وبدأت تتجلى أزمة أخرى وهي نزوح العمالة الوافدة الماهرة ليس من الكويت فحسب بل تعاني منها الآن أكبر الدول وأكثرها تقدماً.. ففي العديد من البلدان الأوروبية تضررت قطاعات الزراعة والنقل والفنادق والمستشفيات حيث غادر 1.3 مليون عامل السوق البريطاني خلال سنة واحدة أثناء الجائحة. كما أضاف الفتح السريع للأسواق البريطانية عبئاً آخر تمثل في 657 ألف وظيفة شاغرة كما أعلن عنها وزير المالية البريطاني - وكالة بي بي سي - وذلك على مستوى كثير من المهن. أما في ألمانيا فقد أعلن معهد نورنبرغ لأبحاث السوق والتوظيف عن 893 ألف وظيفة شاغرة تأثرت فيها القطاعات الصحية والمعلوماتية والمهن الفنية بصورة كبيرة، كما عانت بالمثل دول أوروبية أخرى.. وعلى الرغم من وجود آلاف المهاجرين لهذه الدول إلا أن تأهيلهم وإعدادهم لدخول سوق العمل الأوروبي يحتاج لتكاليف وجهود كبيرة مما يجعل انضمامهم لهذه الأسواق أمرا يحتاج إلى وقت طويل.

تتسابق الاقتصادات المتقدمة في جذب العمالة الوافدة الماهرة إلى أسواقها، وتقدم الاغراءات لها وذلك للنهوض مجدداً في قطاعاتها الاقتصادية المهمة. على الجانب الآخر وخاصة في الكويت يشهد سوق العمالة الوافدة اختلالا واضحا يتمثل في ظاهرتين.. الأولى: تناقص العمالة الوافدة الماهرة وارتفاع كلفة استقدامها أو الاحتفاظ بها، حيث تعاني كثير من الشركات وقطاع الإنشاءات والبناء من هذه الندرة ومن ارتفاع تكلفة العمالة. والثانية: ارتفاع أعداد العمالة الهامشية التي يشعر بها الإنسان منذ أن تطأ قدمه أرض الكويت حيث تتكدس أعداد هذه العمالة في المطار، وتتزاحم أعدادها كذلك أمام خطوط الدفع بالجمعيات التعاونية، حتى انك تعجب من هذه الأعداد التي تستجديك لمساعدتها.. كما نراهم بأعداد كبيرة في المناطق ومقار العمل الحكومية كعمال نظافة على الرغم من افتقادنا لمظاهر النظافة في الطرقات والمناطق السكنية والتجارية.

لا نعلم سر تكدس هذه الأعداد للعمالة غير الماهرة فهو أمر لا نفهمه نحن المواطنين، ولكنه بالطبع مصالح لشركات تغرق السوق بهذه العمالة بينما يتسابق الآخرون من دول الجوار في استقطاب العمالة الوافدة الماهرة. الأمر جلي وواضح فالكويت بأشد الحاجة لعمالة ماهرة في القطاعات الصحية والتعليم والقطاعات التقنية بأنواعها ولابد أن تكون هناك سياسات مدروسة للحفاظ على الكثيرين من الوافدين ممن تدربوا وأُهلوا في قطاعات الاقتصاد الكويتي مع نظرة جادة إلى تقليل العمالة الهامشية التي استعاضت عنها كثير من الدول بالآلات والمعدات خاصة في مجال النظافة والخدمات المتقدمة.. ذلك وحده سيحقق الجدية في جهود تعديل التركيبة السكانية ويعيد للاقتصاد وأنشطته الاستقرار والاستدامة.

للتاريخ..

منذ أول من أمس توافدت أعداد المفرج عنهم والعائدين من الخارج إلى أرض الوطن وإلى أسرهم.. فازدانت منازلهم بالأنوار وساد الكويت شعورٌ بالارتياح والامتنان لأميرها الذي أدخل السرور بعفوه الكريم إلى قلوب أهالي المبعدين والمحجوزين.. حدث تاريخي ونعمة تحتاج إلى الشكر من الله ومن أمير البلاد ورسالة للجميع بأن هذا الوطن هو المأوى وهو الملاذ.. فلنحافظ عليه ما استطعنا، ونسأل الله أن يشمله برعايته وحفظه.

تعليقات

اكتب تعليقك