طلال عبد الكريم العرب: محور خليجي آسيوي... لمَ لا؟

زاوية الكتاب

كتب طلال عبد الكريم العرب 361 مشاهدات 0


ذكر الكاتب البحريني عبدالله المدني في مقالة له أنه وجه سؤالا إلى الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد خلال زيارة رسمية للبحرين عن ردود الفعل المتوقعة من الجاليات الإيرانية الكبيرة التي تعيش بيننا في حال شنت حرب غربية على بلاده، وهل يمكن أن يشكّلوا أذرعا تخريبية ضد المصالح الأميركية في المنطقة، في ظل التصعيد والتهديد الإعلاميين المتبادلين بين واشنطن وطهران؟ كان رد نجاد حاسما ومختصرا: بألا تكونوا قلقين، فلن تكون هناك أي حرب مستقبلا، وإنني من موقعي هذا أؤكد لكم أنه ليست هناك أية بوادر لنشوب حرب.

نقول: جواب نجاد كان في 22/ 12/ 2007، أي منذ 14 سنة مضت، ورغم العنتريات المتبادلة، والتهويشات، والتهديدات بحرق إسرائيل، أو تدمير مفاعلات إيران النووية، وترسانتها الصاروخية التي لم تستخدم إلا ضد العرب المسلمين، فإنه حتى تاريخه، لم تنشب لا معركة ولا حرب، ما حصل أن الباب ازداد انفتاحا للنظام الإيراني على منطقتنا ليعيث فيها دمارا وفسادا وتجهيلا، أما دول الخليج العربية، فقد ارتفعت مشترياتها من السلاح الأميركي خوفا من البعبع الإيراني المفترض، فالموقف الأميركي تحديدا وحقيقة مربك وأكثر من محير.

رد أحمدي نجاد، وجميع المؤشرات التي حدثت وتحدث في منطقتنا تدل على أن ما يجري ليس إلا تناغماً إيرانياً مع الجميع ضد العرب، وما شعارات السقوط للشيطانين الأكبر والأصغر إلا للاستهلاك الإقليمي، وما مسرحية حرب النصر الإلهي إلا من أجل إعطاء هالة تحريرية لإيران، وما شعارات تحرير فلسطين الجوفاء إلا من أجل الضحك على صغار العقول، فما يجري ما هو إلا تثبيت لهلال إيراني يحيط بنا مكون من العراق وسورية ولبنان واليمن.

أمتنا العربية أصبحت متفرقة متناحرة ما بين شرقها وغربها وشمالها وجنوبها، أميركا وإسرائيل والغرب جعلت من إيران بعبعا يتوعدنا ليل نهار، فنُدفع دفعا الى الارتماء في أحضان من نعتقد أنه ملاذنا الوحيد الذي أصبح مصدرا لنهب أموالنا في شراء سلاحهم وحمايتهم الكاذبة.

وما دام هذا هو الوضع العربي الراهن، فلم يتبق على دول الخليج العربي إلا أن تلتفت إلى الدول الإسلامية كتركيا، التي نود حقيقة أن تكون في صفنا، وهي أمنية نتمنى أن تتحقق، فيبدو أن تركيا لم تستوعب بعد أن مصالحها الحقيقية مع العرب لا مع إيران أو غيرها، فلا أحد ينكر تقدمها وقوتها ولكن ما العمل فهي تفضّل حزباً على أمة، إضافة الى إندونيسيا وباكستان وماليزيا، فهذه الدول إسلامية وصناعاتها متطورة ومتقنة، ويمكن الركون إليها، وسيكون من مصلحة الجميع، إقامة حلف معها يعتمد أساسا على المصالح المتبادلة، وهي كثيرة جدا ومتنوعة، هذه الدول ليس بيننا وبينها أي استحقاقات تاريخية، ولا أي أطماع توسعية، فليس بيننا وبينها حدود ولا جروف بحرية متنازع عليها، وهي وفي الوقت نفسه قوية عسكريا، وسوقها ومجالات الاستثمار فيها واسعة، بل هي هائلة ومتنوعة.

نود أن نتمادى في تمنياتنا، ونقيم تحالفاً استراتيجياً مهماً جدا مع الصين، الدولة الأعظم في المستقبل القريب، إضافة إلى سنغافورة والهند، فسنغافورة متطورة جدا في مجالات التعليم والإلكترونيات والبرمجيات، وكانت يوما ما تحكم عربيا، فقد كان للعرب فيها الى وقت قريب نفوذ حضرمي واضح، أما الهند فعلاقاتها عريقة وطويلة مع دول الخليج العربي، وهي سوق هائلة جدا، والفرص الاستثمارية فيها ليس لها حدود.

فليتفكر قادتنا في هذه الخيارات، ولننطلق إلى آفاق أخرى رحبة، تزيل عنا الضغوط، وتزيد لدينا فرص الاختيار، وتبعد عنا هواجس لا طاقة لنا بها.

تعليقات

اكتب تعليقك