حسن العيسى: وسوسة

زاوية الكتاب

كتب حسن العيسى 292 مشاهدات 0


اكتُب عن هذا! أيُّ هذا؟ من يكون هذا؟! هذا موضوع الساعة، هذا حديث الناس الآن! أي ناس؟ لا أرى ناساً يتحدثون ويبتسمون، أرى سيارات مزدحمة تتسابق في الطريق، وسيارات غيرها كثيرة واقفة على الشارع أمام بيوت الناس تضايق سيارات أخرى تسير في الطريق... أي ناس تتحدث عنهم؟ الناس مرتاحون، لديهم سيارات كثيرة، وخدم وحشم، هم أكثر من مرتاحين، هم هانئون، يأكلون ويشربون، وينامون، ويصلون، والكثير منهم يكتبون في الجرائد، ولهم صور مبتسمة تنم عن ارتياحهم للحال قرب زواياهم، "كله تمام".

أي مقالات هذه؟ قلت لك مكرراً: لماذا لا تكتب عن موضوع الساعة؟ لماذا تنسى ما قلته لك؟!

أي موضوع؟ انتهت كل المواضيع عندنا والحمد لله، لماذا لا تسمع؟ آسف، لماذا لا تنصت؟ إنصات... فيها إيقاع تعبيري أكثر من سماع... لا يوجد جديد تحت الشمس، هكذا يقولون دائماً، وشمسنا مصدر الحياة، عندنا في مثلث السعادة والخير هي مصدر جهنمي، ملتهبة لا تغيب أبداً إلا في الطوز، لنستجير من لهيب باختناق، لكن الحمد الله نحن أفضل من غيرنا، عندنا مكيفات في كل مكان، ورحم الله الراحل كارير...

لا تقل رحمه الله... فلم يكن مسلماً... هذا مكروه، إن لم يكن حراماً... ويحك... لا تقل ويحك... كلمة دمها ثقيل مثل كل شيء هنا، كأنها دبلجة لفيلم كرتوني أجنبي للغة العربية الفصحى... مثل: يا إلهي، ما هذا؟ قل: يا ويلك... أخف دماً نوعاً ما...

ياه، ويا هذا تعبت من الكلام معك، أطلب منك أن تكتب عن موضوع الساعة وحديث الناس، فترد عليّ عن صموئيل بيكيت، وماذا قال عن ستراغون وفلاديمير، وهما ينتظران غودو... ومن يكون غودو؟... ومن هو بيكت أساساً؟ هل هما بائعا باجلا ونخي في فرع جمعيتكم؟

لا أبداً، لا أقصد هذا ولا ذاك، ولا يهم من أقصد، فربما يساء تفسير كلامي وأذهب في زيارة مقررة لأمن الدولة، وبعدين تعرف البقية... موضوعي هو عن ستراغون وفلاديمير، وهذا الأخير ليس فلاديمير بوتين، ولا فلاديمير لينين، هما من ينتظر غودو...

فلاديمير ومعه رفيقه ستراغون يعملان مع مجموعة كبيرة من المستشارين من أفضل خريجي "هارفارد بيزنس سكول"، يخططون باجتهاد لمسيرة المستقبل الباهر، إن شاء الله، هما يعملان في مكتب وزير أو نائب نسيت أسماءهما... وينتظران من سنوات طويلة من يأتي ويضبط الساعة... هل هذا حديث الساعة الآن، الذي تطلب مني الكتابة عنه؟... كم الساعة الآن؟ أتصور أنها لم تتغير... هي واقفة من عشر أو عشرين أو خمسين سنة... الأمر طيب وبخير... ارتح... اخمد... اسحب الغطاء ونم مطمئناً.

تعليقات

اكتب تعليقك