حسن العيسى: دولة «كابتشر»

زاوية الكتاب

كتب حسن العيسى 320 مشاهدات 0


حكاية أخرى عن الحكومة الإلكترونية، رئيس وعضو منتدب لشركة كبيرة، ذهب إلى وزارة التجارة لتجديد معلوماته، بعد أن ملأ المعلومات في الـ "آب" المخصص لهذا، وصلت إليه رسالة نصية بقبول المعاملة، انتظر صاحبنا 24 ساعة للمراجعة، ثم وصلت إليه رسالة نصية أخرى تقول إن "المعاملة رُفضت"!

ذهب إلى الوزارة متحيراً يبحث عن وضع المعاملة، كان هناك رجال شرطة وأشرطة تزيّن أكتافهم عند باب الدخول للقسم المخصص، كأنه يهم بدخول "البنتاغون"، أخذ رقماً للدور مع أولوية كبار السن، انتظر طويلاً، لم يسمع أحداً ينادي رقمه، سأل قيادة الأركان التي تنظم الدخول، قالوا له نادينا على رقمك "وين كنت؟"، رد صاحبنا أنه لم يسمع أحداً ينادي رقمه، فردّ عليه الفريق الركن الضابط للنظام القهري، لا يمكنك الدخول الآن، لا بدّ أن تبدأ من جديد، لكن أعطني "كابتشر" للمعاملة، أشوفها.

لم يتمالك التاجر نفسه، "ودرعم" (حشر نفسه ودخل) الثكنة، وجد مجموعة صغيرة لموظفات جالسات، أخبرهن بقصة حصار طروادة، أدخلنه إلى موظف جهاز الكمبيوتر، فحص الأخير المعاملة، وقال لهم إن كلامه (التاجر) صحيح، وهناك خطأ عندنا.

انتهت الحكاية في مأساة الحكومة الإلكترونية التي ترتدي البشت والعقال، وكانت في السابق تنجز معاملات الناس بعبارات "تعال باجر المسؤول غير موجود" أو "ذهب لصلاة الظهر"، والآن جددت خطابها التنويري بـ "ادخل الموقع وأكمل البيانات المطلوبة".

أسئلة قلقة عن المستقبل في دولة إنجاز "كابتشر" مثل: هل بهذه العقلية ستحقق الحكومة خطتها لـ "كويت 2035"؟ وهل المشكلة في التعامل مع تقنية المعلومات، أم في البشر الذين يديرونها والأجهزة البيروقراطية المريضة التي تتوهم أنها بالتصريحات الدعائية لكبار مسؤولينا بأن الكويت أضحت ألمانيا الخليج، وما علينا بعد ذلك غير انتظار المستثمرين الأجانب للمشاركة في مستقبل كويت ما بعد النفط؟!

أيضاً ماذا عن كبار السن والبسطاء، والذين لا يعرفون ثقافة "كابتشر"، وماذا يمكنهم أن يفعلوا مع بيروقراطية "ادخل الموقع واملأ البيانات المطلوبة"؟

لنقف لحظة ونفكر بهذه المناسبة التعيسة في أنه إذا كان هذا وضعنا كحملة الجنسية الذهبية، فماذا عن حال البدون الكويتيين، الذين قال رئيس المجلس إن وضعهم أفضل من أي مواطن عادي في دولة أخرى؟! ماذا سيصنعون مع تقنية "طلّع جنسيتك" وعدّل وضعك بأن تشتري جنسية من دول الواق واق، وسنعدك بأنك ستكون أسعد من مواطني السويد والدنمارك... وحتى تأتي هذه اللحظة فأنت صِفر على الشمال، بينما أصحاب الجنسية مجرد أرقام بشرية تملأ البيانات وتنتظر الفرج.

تعليقات

اكتب تعليقك