حسن العيسى: التفت من حولك يا شيخ واقرأ واقعنا وخرابنا اليوم كي نتحدث عن الغد وقندهار الخليج التي كانت يوماً ما لؤلؤة الخليج... ماذا تقول؟
زاوية الكتابكتب حسن العيسى أغسطس 14, 2021, 10:21 م 895 مشاهدات 0
أخشى أن يكون خطاب سمو رئيس الوزراء للطلاب والطالبات المتفوقين في مدينة صباح السالم يشبه حكاية تلك المرأة، التي كانت تحمل سلة بيض فوق رأسها، وتحلم وهي في دربها للمنزل بأنها ستضع البيض في مكان دافئ، حتى يفقس دجاجاً، ويتكاثر، ثم تشتري مزرعة، وتكثر أموالها... وهكذا تستمر في الخيال الجانح، وفجأة يختل توازنها، وينكسر البيض، وتتلاشى الأحلام.
رائع أن يَعِد رئيس الحكومة بتحقيق حلم الراحل ناصر صباح الأحمد بمدينة الحرير، وفق خطة الكويت 2035، وأن تتم توسعة ميناء مبارك، وتوفير فرص كبيرة للعمل للشباب والشابات القادمين لسوق العمل ولا تتحمَّلهم الوظيفة العامة ولا ميزانية الباب الأول... وغيرها من آمال كبيرة.
لكن اسمع منا يا شيخ، قبل يومين وزير تجارتك بمجرَّد أن سمع باعتراض نائب على دورة نسائية مغلقة للنساء للرقص الشرقي، بحجة "عاداتنا وتقاليدنا"، جرى وأغلق الدورة، فهل هذا الوزير يا شيخ أو غيره سيكون بمنزلة وزير الاستثمار التجاري في مدينة حلم ناصر صباح الأحمد؟!
هل أنت متأكد من وعودك يا شيخ، أنه مع هذا الطرح المتوقع لعدد من النواب المحافظين، الذين لا شأن لهم بالاقتصاد ولا بالغد ولا يعرفون قراءة واقع الحال الاقتصادي، واعتراضهم على كل صغيرة وكبيرة في بلد الكبت والممنوع وهرولة وزرائك لتحقيق طلباتهم، ستكون هناك مدينة الحرير أم مدينة الخيش؟! فلماذا يترك المستثمر الأجنبي دبي أو البحرين أو عمان أو سواحل نيوم السعودية، ليستثمر أو يؤسس عالم الاستثمار والسياحة هنا؟ قندهار التي تحكمها اليوم "طالبان" لن تختلف عن مدينة الحرير الكويتية القادمة!
هل أنت متأكد يا شيخ أنه مع حزمة القوانين واللوائح البيروقراطية وروح العمل المتكاسلة في دولة تعال باجر جهاز الكمبيوتر معطل، أو الموظف المختص ذهب للصلاة، فيما هو جالس في ستار بكس، ولا تستطيع قوانينكم عقابه إدارياً، لأن رئيسه ورئيس رئيسه على نفس الشاكلة جاؤوا ببركة الواسطة والمحسوبية، لا بجدارتهم، أننا سنحقق مدينة الحرير؟
كم سنة مرَّت على دراسات مجلس التخطيط وأحلام حاملة سلة البيض والمشاريع المنقذة في أدراج الوزراء؟ يتغيَّر الوزير، ويأتي غيره، ويظل الدرج مقفلاً، لأن الظروف لا تسمح.
الراحل ناصر صباح الأحمد لم يكن يحلم، كان يرى بحق وبواقعية أكيدة أنه لا خيار آخر أمام الكويت حتى ننقذ البلاد من مرض الإدمان على مصدر وحيد للدخل، وكان هاجسه الكبير هو كيف يوفر فرص عمل لمئات الآلاف من الشباب القادمين لسوق العمل. وبينما كان ناصر يعمل ويشقى ويحقق في قضايا الفساد التي يرى أنها عثرة خطيرة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي، كان هناك مَنْ يقول بسخرية من أكبرها وأسمنها... اتركوا مدينة الحرير كلعبة يتسلى بها الشيخ ناصر وتشغله عنا! ويدفع الراحل ثمن جده واجتهاده ليبعد عن كرسي الوزارة، ثم يغادرنا بعدها راحلاً عن الدنيا حاملاً في قلبه المُنهك حزنه الثقيل.
التفت من حولك يا شيخ واقرأ واقعنا وخرابنا اليوم، كي نتحدث عن الغد وقندهار الخليج التي كانت يوماً ما لؤلؤة الخليج... ماذا تقول؟
تعليقات