غانم النجار: من الخطأ العمل على إصلاح الأوضاع للتشدق بها في المحافل الدولية فقط فالأساس في الإصلاح هو للأوضاع المحلية والتي ستنعكس بالضرورة على سمعة البلاد بالخارج وليس العكس
زاوية الكتابكتب غانم النجار يوليو 6, 2021, 11:01 م 774 مشاهدات 0
صدر مؤخراً التقرير السنوي الأميركي للاتجار بالبشر، وهو ضمن تقارير تصدر تنفيذاً لطلب "الكونغرس"، رغبة منه في متابعة الدول عموماً، وخصوصاً تلك التي تدعمها أميركا مالياً وعسكرياً، ويعد التقرير من أكثرها حرفية، ووضوح منهجية، وتوظيفاً للمعايير الدولية، ومع ذلك لم يحظ بنفس الدرجة من التغطية الإعلامية، التي حظي بها تقرير حقوق الإنسان الأميركي، الذي صدر قبل فترة قصيرة.
كما يوجد هامش واسع لنقد التقرير، وتصويب معلوماته الخاطئة، وقد كان لي في ذلك عدة تجارب تم تصويبها، عن الكويت والسودان والصومال والهند واليمن وبريطانيا، ويصنف التقرير الدول في مدى التزامها إلى أربعة مستويات، حيث يمثل المستوى الأول الدول الملتزمة بمكافحة الاتجار بالبشر، والرابع هو عدم الالتزام.
ومع أن جهداً كبيراً قد بذل في المعلومات والمنهجية، فإن التصنيف النهائي يخضع للتسييس، كما تثار شكوك مشروعة حول مصداقية السلوك الأميركي إنسانياً، وعلى رأس ذلك انتهاكات معتقل غوانتنامو، ودعم الدول المنتهكة التي تتاجر بالبشر.
فللرئيس الأميركي الحق في منع دولة من السقوط للمستوى الأدنى، وقد حصل ذلك مع الكويت، في أواخر حقبة الرئيس جورج دبليو بوش، فما إن تم رفع غطاء بوش حتى انحدر تصنيف الكويت للشريحة الدنيا لسنوات.
وبعد محاولات مضنية للتحسين، وصلت الكويت للشريحة الثانية، واستقرت فيها منذ ٢٠١٦، حيث تقبع أغلب الدول العربية، أما اليمن وليبيا وسورية فتم اعتبارها حالات خاصة.
والملاحظ هذه السنة أن إسرائيل لأول مرة تنزل للمستوى الثاني، مع أنها تستحق ما هو أدنى من ذلك بكثير.
بالطبع هناك جهات عديدة عالمية وإقليمية ومحلية تهتم بمكافحة الاتجار بالبشر، والجهات الحكومية بحاجة إلى جدية أكبر لتخليص البلاد من تلك الجرائم، وإنهاء التناقضات بينها، والتي تنعكس على تردي الممارسة الإنسانية عندنا.
فعلى سبيل المثال، وفي حين، تعهدت الكويت رسمياً في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، بقبولها لتوصيات بإلغاء نظام الكفالة، يظهر لنا وكيل سابق لوزارة الشؤون ليعلن أن الكويت ترفض إلغاء ذلك النظام، ويعنف مسؤولاً أصغر في الوزارة لإدلائه بتصريح يتوافق مع الموقف الرسمي. هناك بالطبع جمود وتراجع بقضايا أخرى مهمة كالبدون والشركات الوهمية وملاجئ النساء المعنفات، وغير ذلك.
من الخطأ العمل على إصلاح الأوضاع للتشدق بها في المحافل الدولية فقط، فالأساس في الإصلاح هو للأوضاع المحلية، والتي ستنعكس بالضرورة على سمعة البلاد بالخارج، وليس العكس. قد نستفيد من الخارج في توضيح نواحي القصور، ولكن لا يجب أن تقف العملية الإصلاحية على القشور وللتباهي الخارجي فقط.
تعليقات