قصة كفاح أصغر ملياردير عصامي في بريطانيا.. أصله لبناني والمرض كان سبباً في جعله ثرياً

منوعات

الآن - القبس 1128 مشاهدات 0


لاشك أن الناجحين والمبدعين والعلماء وغير ذلك كان لهم طموح من صغرهم عملوا واجتهدوا وفي الأخير وصلوا إلى مبتغاهم فاليأس والإحباط والتشاؤم وخيبة الأمل، فهذه كلها مشاعر مدمرة ومحطمة لمجاديف الطموح والنجاح التي تؤثر في تحقيق الهدف والتقدم، فالإنسان بدون أمل و طموح أشبه بالقبطان بدون بوصلة.

بطل قصتنا تمكن في غضون عامين فقط، في تحويل منصته الخاصة باستضافة المؤتمرات عبر الإنترنت «هوبين»، إلى شركة تقدر قيمتها بأكثر من أربعة مليارات جنيه إسترليني.

بزوغ الفكرة

وقد استلهم جوني بوفارات فكرة إنشاء شركته من المرض، وتنحدر عائلته من لبنان، لكنه ولد ونشأ في أستراليا، قبل أن ينتقل إلى لندن وهو في سن المراهقة.

وسافر مع صديقه حول جنوب شرق آسيا في عام 2015، بعد حصوله على شهادة في الهندسة الميكانيكية من جامعة مانشستر.

لكنه أصيب بعدوى خلال الرحلة جعلته يعاني من نقص المناعة، وعندما عاد إلى لندن، ظل طريح الفراش لعدة أشهر.

يتذكر بوفارات ما حدث قائلاً: «لقد جعلني ذلك شخصاً مختلفاً لم أتمكن من مغادرة منزلي، وكنت أتقيأ وأعاني من إرهاق شديد للغاية، وبعد أكثر من عام، كنت أشعر بأنني قريب من الموت، ولم أكن أشعر بأنني أستطيع الاستمرار في العيش بهذه الطريقة».

وشعر بوفارات أنه قادر على التواصل الاجتماعي إلى حد ما عبر الإنترنت بفضل وسائل التواصل الاجتماعي ويوتيوب، لكنه شعر بأن حياته المهنية في خطر شديد، لقد كان يعمل لحسابه الخاص على شبكة الإنترنت لكي يوفر احتياجاته المالية، لكنه كان يشعر بالضيق، وفق ما ذكرت بي بي سي البريطانية.

مفتاح التقدم

وكان حضور الندوات عبر الإنترنت ومؤتمرات الفيديو أحد الأشياء التي يمكن أن يفعلها بنجاح، بينما كان لا يزال في فراشه، لكنه وجد أنه لا يمكنه مقابلة الناس وإجراء اتصالات جديدة، وكانت هذه هي مفتاح التقدم الذي أحرزه بعد ذلك.

يتذكر بوفارات ما حدث قائلاً: «قد يكون هناك 1000 شخص في الندوة عبر الإنترنت، لكن من يتحدث هما شخصان فقط، ولا يمكنك حتى رؤية من كان يشاهد الندوة معك».

تطبيق هوبين

وكان الحل الذي قدمه بوفارات هو الإصدار الأول من تطبيق هوبين، الذي جرى تصميمه ليكون تجربة تفاعلية تسمح للمشاركين بالتواصل مع الحاضرين الآخرين، من خلال الرسائل وغرف التواصل الأخرى عبر الإنترنت.

وبمرور الوقت، تمكن بوفارات من تحسين حالته الصحية من خلال تجربة أنظمة غذائية مختلفة.

يقول عن ذلك: «إذا نظرت إلى الوراء الآن، فإنني أدرك أن المرض منحني حياة ثانية، وجعلني أتعامل مع العالم على أنه كيان أصغر».

وفي عام 2019، شعر أخيراً أنه في حالة جيدة بما يكفي لإطلاق المشروع الذي بدأه أثناء فترة مرضه.

لكنه بالتأكيد لم يكن يعلم أن وباء عالمياً كفيروس كورونا هو الذي سيؤدي إلى نجاح مشروعه على هذا النطاق الواسع.

ويعمل لديه الآن أكثر من 500 شخص، لكنه لم يلتق بعضهم على الإطلاق، ولم يعمل أي منهم من مكتب أو مقر مركزي.

ووفقاً لقائمة الأثرياء التي نشرتها صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، فإن الشاب البالغ من العمر 27 عاماً هو الآن أصغر ملياردير عصامي في المملكة المتحدة، وفي الجولة الأخيرة من جمع التمويلات، جمعت شركة هوبين 400 مليون دولار من مستثمرين من القطاع الخاص، وهو ما يجعل قيمة الشركة تصل إلى 5.65 مليار دولار «4.05 مليار جنيه إسترليني».

لكن بوفارات يحب أن يفعل الأشياء بشكل مختلف.

يقول بوفارات، من أحدث عقاراته المستأجرة في برشلونة بإسبانيا: «كوننا شركة تعمل بدون مقر رئيسي يتيح لنا القيام بأشياء لم تكن الشركات الأخرى قادرة على القيام بها من قبل».

وبغض النظر عن عدم وجود مقر دائم للشركة، فإن بوفارات نفسه ليس لديه منزل دائم هو الآخر، فهو رحالة ينتقل من عقار مستأجر إلى آخر، ويدير شركته من أي مكان يوجد فيه.

يقول بوفارات: «قبل عشر سنوات لم يكن بإمكانك القيام بذلك، لأن البرامج الإلكترونية لم تكن جيدة بما يكفي، ولم يكن من السهل إرسال واستقبال رسائل البريد الإلكتروني بسرعة».

ويشير إلى أن قرار عدم وجود مقر ثابت للشركة ليس قراراً أيديولوجياً، لكن العمل عن بُعد قد أثبت أنه أكثر كفاءة وساعد الشركة على التوسع بسرعة كبيرة.

توقيت ممتاز

بدأت شركة هوبين عملها في عام 2019 بستة موظفين فقط، لكنها نمت بشكل كبير خلال الوباء، نظراً لأن إجراءات الإغلاق جعلت تنظيم المؤتمرات عبر الإنترنت فعالاً بشكل كبير.

وتدخلت هوبين وقدمت بديلاً للشركات التي تريد العمل عبر شبكة الإنترنت، وكما هو الحال مع تطبيق زوم، جاءت التكنولوجيا التي أطلقتها شركة هوبين في التوقيت المناسب تماماً.

واستضافت منصة هوبين أكثر من 80 ألف حدث منذ عام 2020، وتعمل مع منظمات وشركات مثل الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي «الناتو» وسلاك، ويونيليفر.

ولا توجد خطط فورية لدى بوفارات لتغيير طريقة العمل عن بُعد الذي خدم شركته الناشئة بشكل جيد للغاية، في الواقع، لقد طور بوفارات ثقافة فريدة من نوعها للشركات الرقمية، وهو الأمر الذي قد يكون بداية لإطلاق وتشغيل المزيد من الشركات بنفس الطريقة في المستقبل.

وكل شهر يجري تنظيم اجتماع بالفيديو لجميع الموظفين الـ 500 على منصة هوبين الخاصة، وهو الاجتماع الذي يصفه بوفارات بأنه أشبه ببرنامج ألعاب تلفزيوني.

روبوتات

وهناك روبوتات تقوم بدوريات في منصة الرسائل، التي تجمع بين زملاء يجري اختيارهم بطريقة عشوائية مرة واحدة شهريًا لتناول القهوة عبر الإنترنت، في محاولة لإيجاد بديل للحظات التي يقضيها الموظفون معاً في مقر الشركة أثناء تناول المشروبات.

وتجري شركة هوبين أيضاً استطلاعاً شهرياً للموظفين عبر الإنترنت لمعرفة مجالات الحياة العملية التي تحتاج إلى تحسين.

ويعتقد بوفارات أنه ستكون هناك رغبة من قبل الزملاء في الالتقاء شخصياً لأسباب اجتماعية في عالم ما بعد الإغلاق، لكن من غير المحتمل أن يكون ذلك ضرورياً للعمل لأن أدوات الإنتاجية الخاصة بهم جيدة للغاية.

ويضيف: «وعلاوة على ذلك، أتاح لنا العمل عن بُعد توظيف مجموعة من العاملين الموهوبين من جميع أنحاء العالم، وهو أمر ضروري عندما تنمو بسرعة كبيرة».

«لقد جعلني ذلك شخصاً مختلفاً».

بوفارات ليس شخصاً خارقاً، قدم من عالم غير عالمنا، هو شخص شبيه بالآخرين لكنه يمتلك من الطموح والمثابرة، قدراً كبيراً حفزه على الإبداع والمثابرة، وجعل منه شخصاً ناجحاً ومثالاً يحتذى به.



تعليقات

اكتب تعليقك