فالح بن حجري: الزومبي موجود فعليا يا صاحبي ولا يرتبط بلقاح أو غيره ومع قليل من الملاحظة ستجدهم في الدوائر الحكومية والأهلية والأسواق والديوانيات والشوارع وعلى الأرصفة ومواقع التواصل
زاوية الكتابكتب فالح بن حجري يونيو 22, 2021, 10:53 م 895 مشاهدات 0
تعتبر قاعدة "الضحك من دون سبب من قلة الأدب" من القواعد المصونة لدي، وأحرص كل الحرص على عدم تجاوزها، فلا أحب أن تمارس عليّ أو أمارسها ضد الآخر، ولكن وخلال لقاء جمعني مع أحد الأصدقاء كان مداره التطعيم خرقت، وليغفر الله لي وله ولكورونا، هذه القاعدة، ليس لأن حديث الصديق مضحك بل بالعكس كان جاداً جداً، ويحمل ثقلا معلوماتيا معتبراً، ولكن بمجرد ذكره جزئية اقتناع البعض بتحول أخذ اللقاح إلى زومبي لم أستطع كتم ضحكاتي وبصوت مسموع تم توجيهه مباشرة لإحداثيات وجه الصديق، وربما هذا المقال سيكون تبريراً لما حدث في حال اطلع عليه صاحبنا الذي أكمل حديثه بكل أدب ولم يسألني عن سبب ضحكي المفاجئ.
يا صاحبي من يظن أن اللقاح سيكون سببا لتحول المجتمعات العربية بالذات إلى زومبي هو شخص لا يفهم طبيعة مجتمعاتنا جيداً، وقبل أن أسترسل في الشرح لا بد من سرد قصة الزومبي أولاً: الزومبي مصطلح جديد لم ينتشر إلا في القرن التاسع عشر في أوروبا، وأصح الأقوال تنسبه إلى المجتمعات الإفريقية في هايتي وضواحيها، ويقال إن معناه (موفمبي) أو الجسد بدون روح، وكان هذا التعبير وكالة حصرية لسحرة هايتيين يسمونهم "بوكور" كانوا يدعون القدرة على إحياء الموتى والسيطرة عليهم، وتوجيههم كما يشاؤون، وهذه الفكرة نقلتها أفلام هوليوود مع بعض التوابل والتحويرات التي تبرع بها صناعة الأفلام الحديثة، ولكن الزومبي العربي مختلف، فهو مع احتياجه لإدارة تشبه نموذج سحرة بوكور كحال الزومبي الإفريقي، ولكنه يبقى حالة تطورية اجتماعية لها شكل مختلف عن الصورة المعتادة لزومبي هايتي أو أفلام هوليوود، فالزومبي هنا لا يسير متمايلا والزبد يخرج من فمه بل تجده بكامل فخامته وهندامه وسمته، ولكن كحال الزومبي المعتاد يبقى جسداً بلا روح تلهث وراء الفاشينستات والصرعات، حتى لو دخلن جحر ضب تفاهة لدخله معهن، وهناك أنواع مسلوبة الروح تسير وراء ناي بوكور الإعلام كما سار أطفال هاملين وراء ناي بايبر في قصة زمار هاملين المشهورة، وأنواع تتمايل وهي تجري وراء كل بوكور شعارات الثقافة والسياسة ومزاميرها حتى لو جرتهم للهاوية.
الزومبي موجود فعليا يا صاحبي ولا يرتبط بلقاح أو غيره، ومع قليل من الملاحظة ستجدهم في الدوائر الحكومية والأهلية والأسواق والديوانيات والشوارع وعلى الأرصفة ومواقع التواصل يهيمون ويتبعون كل بوكور يخدعهم، ومع إشارته سيتجمعون حول جسد كل رأي ناصح أو مخالف لرأي بوكورهم المقدس لينهشوا لحم كرامته ويكسروا عظامه ويصفوا دمه، هذا سبب ضحكي يا صديقي والعذر عند الكرام مقبول، وأولَئِكَ "زومبينا" فَجِئني بِمِثلِهِم... إِذا جَمَعَتنا يا "هايتي" المَجامع.
تعليقات