عبداللطيف بن نخي: أدعو النوّاب إلى إعادة التفاوض مع حلفائهم من أجل تقويم مشتركاتهم لتتوافق مع المبادئ والقيم الدستورية كالعدالة والمساواة بين جميع ألوان الطيف الكويتي
زاوية الكتابكتب د. عبد اللطيف بن نخي مايو 12, 2021, 9:41 م 885 مشاهدات 0
استضافت إحدى القنوات التلفزيونية المحلّية - قبل أسبوعين - النائب السابق الدكتور خليل أبل في لقاء سياسي حواري.
وقبل نهاية اللقاء خاطب أحد المحاورين الدكتور معرباً عن انزعاجه من تحوّل سيد عدنان عبدالصمد من قطب معارض وطني إلى نائب حكومي، بحجة أن المعارضة تحتضن نوّاباً طائفيين وعنصريين، ودعاه إلى العودة إلى صفوف المعارضة عبر تبني سياسة العمل بالمشتركات، أسوة بأحد نواب المعارضة الحاليين المخضرمين - زميله في كتلة العمل الشعبي - المتحالف مع الطائفيين والعنصريين في نطاق المشتركات بينهم ولو كانت مساحتها لا تتجاوز الـ 10 في المئة من أولوياته.
كنت متردداً في التعليق على المغالطات التي وردت في مداخلة المحاور، ولكنني وجدت نفسي بعد تفجيرات كابول مدفوعاً بمشاعري الإنسانية والوطنية نحو كتابة هذا المقال، للرد على تلك المغالطات الخطيرة الدارجة في المجتمع.
القدر المتّفق عليه هو أن منفذي تلك التفجيرات كانت لديهم أفكار وعقائد متطرفة، فالتفجيرات وقعت في شهر الرحمة رمضان واستهدفت طالبات وليس جنوداً وبالقرب من مدرستهن وليس على جبهات قتال، وسعوا لافتراس أكبر عدد من الضحايا الأبرياء في منطقة مفروزة من حيث الانتماء العرقي والمذهبي.
نحن وإن كنا متفقين على أهميّة الوحدة الوطنية وسعداء بتماسك نسيجنا الاجتماعي، إلّا أننا مختلفون في تقدير قدرتنا على تحصين أنفسنا من الفتن الطائفية والفئوية المستقبلية.
بل إننا مختلفون في تفسير صمودنا أمام آخر محاولتين لإثارة أزمات فئوية خلال الأشهر القليلة الماضية، فمنّا مَنْ يراها مؤشرات على اكتمال حصانة المجتمع، ومنا مَنْ يراها شواهد على أن المعارضة كانت ومازالت قادرة على إخماد نيران الفتن الفئوية متى ما أرادت.
الحصانة الحقيقية للمجتمع من الفتن الفئوية لن تكتمل إلّا بعد ترسيخ ثقافة التعددية، والحالة الوطنية الجميلة التي ننعم بها هذه الأيام موقتة، كما كانت الحالة الأجمل بعد التحرير.
كنا نعتقد بعد التحرير أننا تخلصنا للأبد من الفتن الفئوية، ولكن التاريخ سجّل أننا على العكس تخلصنا تدريجياً من فرصتنا الذهبية، لترسيخ مقومات التعددية والدولة المدنية، وأن تلك الخيانة تمت تحت غطاء مزيّف كان عنوانه «العمل بالمشتركات».
فالوثائق البرلمانية تُشير إلى أننا في سنة 1998 عوضاً عن دعم المرحوم الشيخ سعود الناصر وزير الإعلام آنذاك في مساعيه لتقليص نفوذ لجنة الرقابة على الكتب، التي تعسّفت في منع الكتب وفي مقدمتها كتب دينية، استجوبنا وطرحنا الثقة فيه.
والوثائق تُشير أيضاً إلى أننا في سنة 2002 عوضاً عن استجواب وزير التربية على ما تضمّنته الكتب الدراسية والمناهج من مواضيع تُمزّق النسيج الوطني وتزرع الكراهية بين فئات المجتمع، استجوبناه للتأخر في تطبيق قانون منع الاختلاط في الجامعة.
لاشك أن العمل بالمشتركات مبدأ بناء أصيل في العمل الجماعي، ولكنه وظّف ومازال يوظّف من قبل بعض النوّاب كغطاء للتحالف مع مَنْ عقيدته السياسية تتعارض مع المبادئ والقيم الدستورية، مع مَنْ يسعى إلى تعزيز التمييز الفئوي في الدولة.
فسياسة العمل بالمشتركات لا تقتصر على الاتفاق في المساحة المشتركة بين الأطراف المتشاركة، لأن غايتها هي توسيع مساحة المشتركات بحيث تتضمن نسبة من أولويات كل طرف، وليس كما هو معمول من قبل بعض نوّابنا المخضرمين، الذين لم يدرجوا - على مر سنوات طويلة من العمل البرلماني - ضمن أيّ أولوية مرتبطة بتعزيز التعددية في مشاريع «العمل بالمشتركات» التي شاركوا فيها.
لذلك أدعو هؤلاء النوّاب إلى إعادة التفاوض مع حلفائهم من أجل تقويم مشتركاتهم، لتتوافق مع المبادئ والقيم الدستورية كالعدالة والمساواة بين جميع ألوان الطيف الكويتي، ومن أجل توسيع نطاق مشتركاتهم لتتضمن مشاريع تُرسّخ التعددية والهوية المدنية للدولة... «اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا اتباعه».
تعليقات